الطَّبَّاعِ، عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ إِنَّ لِي جَارًا يَقُومُ بِاللَّيْلِ فَمَا يَقْرَأُ إِلَّا بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.
قَوْلُهُ: (يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَهْضَمٍ يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ كُلَّهَا يُرَدِّدُهَا.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ الرَّجُلُ) أَيِ السَّائِلُ.
قَوْلُهُ: (يَتَقَالُّهَا) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَأَصْلُهُ يَتَقَالَلُهَا أَيْ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا قَلِيلَةً، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الطَّبَّاعِ الْمَذْكُورَةِ كَأَنَّهُ يُقَلِّلُهَا وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ مَالِكٍ فَكَأَنَّهُ اسْتَقَلَّهَا وَالْمُرَادُ اسْتِقْلَالُ الْعَمَلِ لَا التَّنْقِيصُ.
قَوْلُهُ: (وَزَادَ أَبُو مَعْمَرٍ) قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمِنْقَرِيُّ، وَخَالَفَهُ الْمِزِّيُّ تَبَعًا لِابْنِ عَسَاكِرَ فَجَزَمَا بِأَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنَ الْمِنْقَرِيِّ، وَالْهُذَلِيِّ يُكَنَّى أَبَا مَعْمَرٍ وَكِلَاهُمَا مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْهُذَلِيِّ، بَلْ لَا نَعْرِفُ لِلْمِنْقَرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ شَيْئًا، وَقَدْ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِيِّ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مَالِكٍ) هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي أَخِي قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ) هُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، أُمُّهُمَا أُنَيْسَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ.
قَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ ﷺ نَحْوَهُ) يَعْنِي نَحْوَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلَفْظُهُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إن فلانا قَامَ اللَّيْلَةَ يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَسَاقَ السُّورَةَ يُرَدِّدُهَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّهَا لِتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ.
قَالَ الْفَرَبْرِيُّ. سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حَاتِمٍ وَرَّاقَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلٌ، وَعَنِ الضَّحَّاكِ الْمِشْرَقِيِّ مُسْنَدٌ.
قَوْلُهُ: (إِبْرَاهِيمُ) هُوَ النَّخَعِيُّ وَالضَّحَّاكُ الْمِشْرَقِيُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ نِسْبَةً إِلَى مِشْرَقِ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُشَمِ بْنِ حَاشِدٍ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ، قَيَّدَهُ الْعَسْكَرِيُّ وَقَالَ: مَنْ فَتَحَ الْمِيمَ فَقَدْ صَحَّفَ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مَشْرِقٌ مَوْضِعٌ، وَقَدْ ضَبَطَهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنَ مَاكُولَا وَتَبِعَهُمَا ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي مَوْضِعٍ، ثُمَّ غَفَلَ فَذَكَرَهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ كَمَا قَالَ الْعَسْكَرِيُّ لَكِنْ جَعَلَ قَافَهُ فَاءً، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فَأَصَابَ. وَالضَّحَّاكُ الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ شَرَاحِيلَ وَيُقَالُ: شُرَاحْبِيلَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ يَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَدَبِ قَرَنَهُ فِيهِ بِأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَحَكَى الْبَزَّارُ أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ وَهُوَ غَلَطٌ.
قَوْلُهُ: (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ) بِكَسْرِ الْجِيمِ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ) لَعَلَّ هَذِهِ قِصَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ قِصَّةِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانَ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِهَذَا.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ) عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ، عَنِ الْأَعْمَشِ فَقَالَ: يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَهِيَ ثُلُثُ الْقُرْآنِ فَكَأَنَّ رِوَايَةَ الْبَابِ بِالْمَعْنَى. وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْمَذْكُورِ نَظِيرَ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمَّى السُّورَةَ بِهَذَا الِاسْمِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الصِّفَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، أَوْ يَكُونَ بَعْضُ رُوَاتِهِ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ، فَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ بِغَيْرِ قُلْ فِي أَوَّلِهَا.
قَوْلُهُ: (قَالَ الْفَرَبْرِيُّ. سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حَاتِمٍ وَرَّاقَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلٌ، وَعَنِ الضَّحَّاكِ الْمِشْرَقِيِّ مُسْنَدٌ) ثَبَتَ هَذَا عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ عَنْ شُيُوخِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ رِوَايَةَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مُنْقَطِعَةٌ وَرِوَايَةُ الضَّحَّاكِ عَنْهُ مُتَّصِلَةٌ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورُ هُوَ الْبُخَارِيُّ الْمُصَنِّفُ، وَكَأَنَّ الْفَرَبْرِيَّ مَا سَمِعَ هَذَا الْكَلَامَ مِنْهُ فَحَمَلَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْهُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ كَانَ يُوَرِّقُ لِلْبُخَارِيِّ أَيْ يَنْسَخُ لَهُ وَكَانَ مِنَ الْمُلَازِمِينَ لَهُ وَالْعَارِفِينَ بِهِ وَالْمُكْثِرِينَ عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفَرَبْرِيُّ عَنْهُ فِي الْحَجِّ وَالْمَظَالِمِ وَالِاعْتِصَامِ وَغَيْرِهَا فَوَائِدَ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ كَانَ يُطْلِقُ عَلَى الْمُنْقَطِعِ لَفْظَ الْمُرْسَلِ وَعَلَى الْمُتَّصِلِ لَفْظَ الْمُسْنَدِ، وَالْمَشْهُورُ فِي الِاسْتِعْمَالِ أَنَّ الْمُرْسَلَ مَا يُضِيفُهُ التَّابِعِيُّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَالْمُسْنَدُ مَا يُضِيفُهُ