فَيَسْتَلْزِمُ أَنَّهُنَّ ثَيِّبَاتٌ كَمَا هُوَ الْأَكْثَرُ الْغَالِبُ.
ثم ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ بَعِيرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الشُّرُوطِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ (مَا يُعْجِلُكَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، أَيْ مَا سَبَبُ إِسْرَاعِكَ؟
قَوْلُهُ (كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ) أَيْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالدُّخُولِ عَلَى الزَّوْجَةِ. وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ فِي الْوَكَالَةِ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ - عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَالتَّحِيَّةِ وَالْإِكْرَامِ - أَخَذْتُ أَرْتَحِلُ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: تَزَوَّجْتُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُقَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ جَابِرٍ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ إِلَى أَهْلِهِ فَلْيَتَعَجَّلْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ (قَالَ أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: ثَيِّبًا) هُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَتَزَوَّجْتَ وَتَزَوَّجْتُ، وَكَذَا وَقَعَ فِي ثَانِي حَدِيثِ الْبَابِ فَقُلْتُ تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَتَزَوَّجْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ ثَيِّبًا. وَفِي الْمَغَازِي عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ هَلْ نَكَحْتَ يَا جَابِرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: مَاذَا، أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: لَا بَلْ ثَيِّبًا وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قُلْتُ: ثَيِّبٌ وَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الَّتِي تَزَوَّجْتُهَا ثَيِّبٌ، وَكَذَا وَقَعَ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ.
قَوْلُهُ (فَهَلَّا جَارِيَةً) فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَفَلَا جَارِيَةً وَهُمَا بِالنَّصْبِ أَيْ فَهَلَّا تَزَوَّجْتَ؟ وَفِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ، عَنْ هِشَامٍ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ هَلَّا بِكْرًا؟ وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَهُوَ مَعْنَى رِوَايَةِ مُحَارِبٍ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ بِلَفْظِ الْعَذَارَى وَهُوَ جَمْعُ عَذْرَاءَ بِالْمَدِّ.
قَوْلُهُ (تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ) زَادَ فِي رِوَايَةِ النَّفَقَاتِ وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ وَهُوَ مِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ مِنَ اللَّعِبِ وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِرَجُلٍ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ وَقَالَ فِيهِ وَتَعَضُّهَا وَتَعَضُّكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عُبَيْدَةَ تُذَاعِبُهَا وَتُذَاعِبُكَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بَدَلَ اللَّامِ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرٍ ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ بِلَفْظِ مَالَكَ وَلِلْعَذَارَى وَلِعَابِهَا فَقَدْ ضَبَطَهُ الْأَكْثَرُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنَ الْمُلَاعَبَةِ أَيْضًا، يُقَالُ لَاعَبَ لِعَابًا وَمُلَاعَبَةً مِثْلُ قَاتَلَ قِتَالًا وَمُقَاتَلَةً. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِضَمِّ اللَّامِ وَالْمُرَادُ بِهِ الرِّيقِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَصِّ لِسَانِهَا وَرَشْفِ شَفَتَيْهَا، وَذَلِكَ يَقَعُ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ وَالتَّقْبِيلِ، وَلَيْسَ هُوَ بِبَعِيدٍ كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ، وَيُؤَيِّدُ أَنَّهُ بِمَعْنًى آخَرَ غَيْرَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ قَوْلُ شُعْبَةَ فِي الْبَابِ أَنَّهُ عَرَضَ ذَلِكَ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَقَالَ اللَّفْظُ الْمُوَافِقُ لِلْجَمَاعَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ التَّلْوِيحُ بِإِنْكَارِ عَمْرٍو رِوَايَةَ مُحَارِبٍ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَفْظُه: إِنَّمَا قَالَ جَابِرٌ تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ فَلَوْ كَانَتِ الرِّوَايَتَانِ مُتَّحِدَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى لَمَا أَنْكَرَ عَمْرٌو ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ يُجِيزُ الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ مِنَ الزِّيَادَةِ قُلْتُ: كُنَّ لِي أَخَوَاتٌ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ وَتَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ أَيْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِنَّ، وَهُوَ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ الْآتِيَةِ فِي النَّفَقَاتِ هَلَكَ أَبِي وَتَرَكَ سَبْعَ بَنَاتٍ - أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ - فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا، كَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ. فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْ قَالَ خَيْرًا وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرٍو فِي الْمَغَازِي: وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ كُنَّ لِي تِسْعُ أَخَوَاتٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ إِلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ، وَلَكِنِ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُمْشُطُهُنَّ. قَالَ: أَصَبْتَ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْكِحَ امْرَأَةً قَدْ جَرَّبَتْ خَلَا مِنْهَا، قَالَ فَذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الرِّوَايَاتِ فِي عَدَدِ أَخَوَاتِ جَابِرٍ فِي الْمَغَازِي، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِنَّ. وَأَمَّا امْرَأَةُ جَابِرٍ الْمَذْكُورَةُ فَاسْمُهَا سَهْلَةُ بِنْتُ مَسْعُودِ بْنِ أَوْسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيَّةُ الْأَوْسِيَّةُ ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ.
قَوْلُهُ (فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ قَالَ: أمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا أَيْ عِشَاءً) كَذَا هُنَا، وَيُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ الْآتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute