وَلَفْظُهُ عِنْدَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ جَدِيدٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَمْ يَقَعْ لِابْنِ حَزْمٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ الْحِمَّانِيِّ فَضَعَّفَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ بِهِ وَلَمْ يُصِبْ. وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَفَرَّدَ بِهَا عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ فِيهِ اضْطِرَابًا عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، كَأَنَّهُ عَنَى فِي سِيَاقِ الْمَتْنِ لَا فِي الْإِسْنَادِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ اضْطِرَابًا لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ ذِكْرُ الْمَهْرِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ عِتْقَ الْأَمَةِ لَا يَكُونُ نَفْسَ الصَّدَاقِ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ، بَلْ هُوَ شَرْطٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَجْرَانِ الْمَذْكُورَانِ، وَلَيْسَ قَيْدًا فِي الْجَوَازِ.
(تَنْبِيهٌ):
وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَالصَّوَابُ مَا عِنْدَ الْجَمَاعَةِ عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى بِحَذْفٍ عَنِ الَّتِي قَبْلَ أَبِي مُوسَى.
الحديث الثاني.
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ تَلِيدٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْخَفِيفَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ، مِصْرِيٌّ مَشْهُورٌ، وَكَذَا شَيْخُهُ، وَبَقِيَّةُ الْإِسْنَادِ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ. وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ بَدَلَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَهُوَ خَطَأٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَلَى الصَّوَابِ لَكِنَّهُ سَاقَهُ هُنَاكَ مَوْقُوفًا، وَاخْتَلَفَ هُنَا الرُّوَاةُ: فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالنَّسَفِيِّ مَوْقُوفًا أَيْضًا، وَلِغَيْرِهِمَا مَرْفُوعًا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ مَوْقُوفًا، وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا لِلْبُخَارِيِّ مَوْقُوفًا، وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْحُمَيْدِيُّ، وَأَظُنُّهُ الصَّوَابَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ مَعَ كَوْنِهَا نَازِلَةً، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ فِي الْأَصْلِ ثَابِتُ الرَّفْعِ، لَكِنَّ ابْنَ سِيرِينَ كَانَ يَقِفُ كَثِيرًا مِنْ حَدِيثِهِ تَخْفِيفًا. وَأَغْرَبَ الْمِزِّيُّ فَعَزَا رِوَايَةَ حَمَّادٍ هَذِهِ هُنَا إِلَى رِوَايَةِ ابْنِ رُمَيْحٍ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، وَغَفَلَ عَنْ ثُبُوتِهَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الرُّوَاةِ مِنْ طَرِيقِ الْفَرَبْرِيِّ حَتَّى فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ. فَمَا أَدْرِي مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِرِوَايَةِ ابْنِ رُمَيْحٍ.
قَوْلُهُ (لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ الْحَدِيثَ) سَاقَهُ مُخْتَصَرًا هُنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: مُطَابَقَةُ حَدِيثِ هَاجَرَ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّهَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوْلَدَهَا بَعْدَ أَنْ مَلَكَهَا فَهِيَ سُرِّيَّةٌ. قُلْتُ: إِنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ صَرِيحًا فِي الصَّحِيحِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي فِي الصَّحِيحِ أَنَّ سَارَّةَ مَلَكَتْهَا وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوْلَدَهَا إِسْمَاعِيلَ، وَكَوْنُهُ مَا كَانَ بِالَّذِي يَسْتَوْلِدُ أَمَةَ امْرَأَتِهِ إِلَّا بِمِلْكٍ مَأْخُوذٍ مِنْ خَارِجِ الْحَدِيثِ غَيْرِ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ، وَقَدْ سَاقَهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فِي آخِرِهِ فَاسْتَوْهَبَهَا إِبْرَاهِيمُ مِنْ سَارَّةَ، فَوَهَبَتْهَا لَهُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الْفَاكِهِيِّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ اسْتَوْهَبَ هَاجَرَ مِنْ سَارَّةَ فَوَهَبَتْهَا لَهُ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُسِرَّهَا فَالْتَزَمَ ذَلِكَ، ثُمَّ غَارَتْ مِنْهَا فَكَانَ ذَلِكَ السَّبَبَ فِي تَحْوِيلِهَا مَعَ ابْنِهَا إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَنَسٍ قَالَ (أَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا) الْحَدِيثَ، وَفِيهِ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ؟ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ النَّاسُ: لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا أَمِ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ تَرَدُّدُ الصَّحَابَةِ فِي صَفِيَّةَ هَلْ هِيَ زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ فَيُطَابِقُ أَحَدَ رُكْنَيِ التَّرْجَمَةِ، قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: دَلَّ تَرَدُّدُ الصَّحَابَةِ فِي صَفِيَّةَ هَلْ هِيَ زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ عَلَى أَنَّ عِتْقِهَا لَمْ يَكُنْ نَفْسَ الصَّدَاقِ، كَذَا قَالَ: وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ التَّرَدُّدَ إِنَّمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَالِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا زَوْجَةٌ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَا ذُكِرَ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute