وَذَكَرَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِ الْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ كَيْلَا تُضَيِّعَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فِي غَيْرِ كُفْءٍ انْتَهَى. وَلَمْ يَثْبُتْ فِي اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ بِالنَّسَبِ حَدِيثٌ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ رَفَعَهُ الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيُّ بِحَدِيثِ وَاثِلَةَ مَرْفُوعًا إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى بَنِي كِنَانَةَ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ الْحَدِيثَ وَهُوَ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، لَكِنْ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ، لَكِنْ ضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَيْهِ حَدِيثَ قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: الْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ خِلَافٌ مَشْهُورٌ. وَنَقَلَ الْأَبْزَى، عَنِ الرَّبِيعِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الشَّافِعِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: أَنَا عَرَبِيٌّ لَا تَسْأَلْنِي عَنْ هَذَا. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ عَائِشَةَ.
قَوْلُهُ (أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ) اسْمُهُ مُهَشِّمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: هِشَامٌ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، وَهُوَ خَالُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَوْلُهُ (تَبَنَّى) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ بَعْدَهَا أَلِفٌ أَيِ اتَّخَذَهُ وَلَدًا، وَسَالِمٌ هُوَ ابْنُ مَعْقِلٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَلَمْ يَكُنْ مَوْلَاهُ وَإِنَّمَا كَانَ يُلَازِمُهُ، بَلْ كَانَ مِنْ حُلَفَائِهِ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، وَكَانَ اسْتِشْهَادُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَسَالِمٍ جَمِيعًا يَوْمَ الْيَمَامَةِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ.
قَوْلُهُ (وَأَنْكَحَهُ) أَيْ زَوَّجَهُ (هِنْدًا) كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَوَقَعَ عِنْدَ مَالِكٍ فَاطِمَةَ فَلَعَلَّ لَهَا اسْمَيْنِ، وَالْوَلِيدُ ابْنُ عُتْبَةَ أَحَدُ مَنْ قُتِلَ بِبَدْرٍ كَافِرًا، وَقَوْلُهُ بِنْتُ أَخِيهِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ هُوَ الصَّحِيحُ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ وَهُوَ غَلَطٌ.
قَوْلُهُ (وَهُوَ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ) تَقَدَّمَ بَيَانُ اسْمِهَا فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ.
قَوْلُهُ (كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ ﷺ زَيْدًا) أَيِ ابْنَ حَارِثَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ خَبَرُهُ بِذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ.
قَوْلُهُ (فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ) بِضَمِّ أَوَّلِ يُعْلَمُ وَفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.
قَوْلُهُ (كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ) لَعَلَّ فِي هَذَا إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِمْ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَإِنَّ سَالِمًا لَمَّا نَزَلَتْ ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ﴾ كَانَ مِمَّنْ لَا يُعْلَمُ لَهُ أَبٌ فَقِيلَ لَهُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ.
قَوْلُهُ (إِنَّا كُنَّا نَرَى) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ نَعْتَقِدُ.
قَوْلُهُ (سَالِمًا وَلَدًا) زَادَ الْبَرْقَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْيَمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فَكَانَ يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَيَرَانِي فُضُلًا وَفُضُلًا بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيْ مُتَبَذِّلَةً فِي ثِيَابِ الْمِهْنَةِ، يُقَالُ: تَفَضَّلَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ وَزَادَ وَكَانَتْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ الْخَلِيلُ رَجُلٌ فُضُلٌ مُتَوَشِّحٌ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، قَالَ: فَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَهِيَ مُنْكَشِفٌ بَعْضُهَا. وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ: فُضُلٌ مَكْشُوفَةُ الرَّأْسِ وَالصَّدْرِ، وَقِيلَ الْفُضُلُ الَّذِي عَلَيْهِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَلَا إِزَارَ تَحْتَهُ. وَقَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ: تَفَضَّلَتِ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا إِذَا كَانَتْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَقَمِيصٍ لَا كُمَّيْنِ لَهُ.
قَوْلُهُ (وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ) أَيِ الْآيَةَ الَّتِي سَاقَهَا قَبْلُ وَهِيَ ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ﴾ وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾
قَوْلُهُ (فَذَكَرَ الْحَدِيثَ) سَاقَ بَقِيَّتَهُ الْبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ فَكَيْفَ تَرَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَرْضِعِيهِ، فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ بَنَاتِ إِخْوَتِهَا وَبَنَاتِ أَخَوَاتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ عَائِشَةَ أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا، وَأَبَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَرْضَعَ فِي الْمَهْدِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي لَعَلَّهَا رُخْصَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِسَالِمٍ دُونَ النَّاسِ. وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ فَيَّاضِ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ فِيهِ مَعَ عُرْوَةَ، أَبُو عَائِذِ اللَّهِ بْنُ رَبِيعَةَ، وَمَعَ عَائِشَةَ أُمُّ سَلَمَةَ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: لَمْ يَذْكُرْهُمَا الْبُخَارِيُّ فِي إِسْنَادِهِ. قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ