للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ لَا يُحَرِّمُ دُونَ سَبْعِ رَضَعَاتٍ أَوْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ وَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا خَمْسُ رَضَعَاتٍ، فَعِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْهَا كَانَ فِيمَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، ثُمَّ نُسِخَتْ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهَا قَالَتْ: لَا يُحَرِّمُ دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ بِهِ ابْنُ حَزْمٍ، وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَدَاوُدُ وَأَتْبَاعُهُ - إِلَّا ابْنَ حَزْمٍ - إِلَى أَنَّ الَّذِي يُحَرِّمُ ثَلَاثُ رَضَعَاتٍ لِقَوْلِهِ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ الثَّلَاثَ تُحَرِّمُ، وَأَغْرَبَ الْقُرْطُبِيُّ. فَقَالَ: لَمْ يَقُلْ بِهِ إِلَّا دَاوُدُ.

وَيَخْرُجُ مِمَّا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ يَقُولُ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ وَالثَّلَاثُ، وَأَنَّ الْأَرْبَعَ هِيَ الَّتِي تُحَرِّمُ. وَالثَّابِتُ مِنَ الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْخَمْسِ، وَأَمَّا حَدِيثُ: لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ. فَلَعَلَّهُ مِثَالٌ لِمَا دُونَ الْخَمْسِ، وَإِلَّا فَالتَّحْرِيمُ بِالثَّلَاثِ فَمَا فَوْقَهَا إِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ بِالْمَفْهُومِ، وَقَدْ عَارَضَهُ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ الْمُخَرَّجِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَهُوَ الْخَمْسُ، فَمَفْهُومُ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ أَنَّ الثَّلَاثَ تُحَرِّمُ، وَمَفْهُومُ خَمْسِ رَضَعَاتٍ أَنَّ الَّذِي دُونَ الْأَرْبَعِ لَا يُحَرِّمُ فَتَعَارَضَا، فَيَرْجِعُ إِلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْمَفْهُومَيْنِ، وَحَدِيثُ الْخَمْسِ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ، وَحَدِيثُ الْمَصَّتَانِ جَاءَ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ، لَكِنْ قَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ مُضْطَرِبٌ؛ لِأَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ عَنْ عَائِشَةَ أَوْ عَنِ الزُّبَيْرِ أَوْ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَوْ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ. لَكِنْ لَمْ يَقْدَحْ الِاضْطِرَابُ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ زَوْجِ الْعَبَّاسِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ؟ قَالَ لَا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهَا: لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ أَنَصُّ مَا فِي الْبَابِ، إِلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ وُصُولُهُ إِلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ، وَقَوَّى مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ الْأَخْبَارِ اخْتَلَفَتْ فِي الْعَدَدِ، وَعَائِشَةُ الَّتِي رَوَتْ ذَلِكَ قَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهَا فِيمَا يُعْتَبَرُ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَيُعَضِّدُهُ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ أَنَّهُ مَعْنًى طَارِئٌ يَقْتَضِي تَأْيِيدَ التَّحْرِيمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَالصِّهْرِ، أَوْ يُقَالُ مَائِعٌ يَلِجُ الْبَاطِنَ فَيُحَرِّمُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَالْمَنِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَيْضًا فَقَوْلُ عَائِشَةَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَمَاتَ النَّبِيُّ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ لَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ قَوْلَيِ الْأُصُولِيِّينَ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ، وَالرَّاوِي رَوَى هَذَا عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ لَا خَبَرٌ فَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ قُرْآنًا وَلَا ذَكَرَ الرَّاوِي أَنَّهُ خَبَرٌ لِيُقْبَلَ قَوْلُهُ فِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ (عَنِ الْأَشْعَثِ) هُوَ ابْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ وَاسْمُهُ سَلِيمُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ.

قَوْلُهُ (أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَأَظُنُّهُ ابْنًا لِأَبِي الْقُعَيْسِ، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ رَضِيعُ عَائِشَةَ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَذَا تَابِعِيٌّ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَكَأَنَّ أُمَّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْ عَائِشَةَ عَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ فَوَلَدَتْهُ فَلِهَذَا قِيلَ لَهُ رَضِيعُ عَائِشَةَ.

قَوْلُهُ (فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ) كَذَا فِيهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَشْعَثَ وَعِنْدِي رَجُلٌ قَاعِدٌ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ شُعْبَةَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَتَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْمَاضِيَةِ فِي الشَّهَادَاتِ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا؟.

قَوْلُهُ (فَقَالَتْ إِنَّهُ أَخِي) فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ إِنَّهُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ غُنْدَرٍ بِدُونِهَا، وَتَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَشْعَثَ فَذَكَرَهَا، وَكَذَا ذَكَرَهَا أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ جَمِيعًا عَنِ الْأَشْعَثِ.

قَوْلُهُ (انْظُرْنَ مَا إِخْوَانُكُنَّ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ إِخْوَانِكُنَّ وَهِيَ