الْقِصَّةِ قَالَ فِيهِ: فَنَزَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَكَانَتْ ثَيِّبًا، فَنَكَحَتْ بَعْدَهُ أَبَا لُبَابَةَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: تَأَيَّمَتْ خَنْسَاءُ، فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا الْحَدِيثَ نَحْوَهُ وَفِيهِ: فَرَدَّ نِكَاحَهُ، وَنَكَحَتْ أَبَا لُبَابَةَ.
وَهَذِهِ أَسَانِيدُ يَقْوَى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وكُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا. نَعَمْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهَا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا سَنَدٌ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ، وَلَكِنْ لَهُ عِلَّةٌ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، فَأَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَطَاءٍ، إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُرَّةَ وَفِيهِ مَقَالٌ، وَأَرْسَلَهُ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِهِ جَابِرًا.
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ أَيْضًا، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جَارِيَةً بَكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ، فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَخَيَّرَهَا وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ: إِنَّهُ خَطَأٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ إِرْسَالُهُ.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَدَّ نِكَاحَ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ أَنْكَحَهُمَا أَبُوهُمَا وَهُمَا كَارِهَتَانِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ الدَّمَارِيُّ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَالصَّوَابُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ عِكْرِمَةَ مُرْسَلٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ فِي الْبِكْرِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهَا زُوِّجَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِيهَا تَعْمِيمًا، وَأَمَّا الطَّعْنُ فِي الْحَدِيثِ فَلَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّ طُرُقَهُ يَقْوَى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَلِقِصَّةِ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ طَرِيقٌ أُخْرَى، أَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِدَامٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَرَدَّ نِكَاحَهَا، وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ بِكْرًا وَلَا ثَيِّبًا، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةُ، عَنْ عُمَرَ مُرْسَلًا، لَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَيَزِيدُ هُوَ ابْنُ هَارُونَ، وَيَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ.
قَوْلُهُ: (إنَّ رَجُلًا يُدْعَى خِدَامًا أَنْكَحَ ابْنَةَ لَهُ نَحْوَهُ) سَاقَ أَحْمَدُ لَفْظَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ يُدْعَى خِدَامًا أَنْكَحَ ابْنَتَهُ، فَكَرِهَتْ نِكَاحَ أَبِيهَا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَرَدَّ عَنْهَا نِكَاحَ أَبِيهَا، فَتَزَوَّجَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، فَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا، وَهَذَا يُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ.
وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ يَزِيدَ كَذَلِكَ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ يَحْيَى كَذَلِكَ.
وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ يَحْيَى كَذَلِكَ، لَكِنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ، وَالَّذِي بَلَّغَ يَحْيَى ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ، فَسَيَأْتِي فِي تَرْكِ الْحِيَلِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ: إنَّ امْرَأَةً مِنْ وَلَدِ جَعْفَرٍ تَخَوَّفَتْ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلِيُّهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى شَيْخَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ ابْنَيْ جَارِيَةَ قَالَا: فَلَا تَخْشَيْنَ فَإِنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِدَامٍ أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَرَدَّ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ: وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ أن خَنْسَاءَ انْتَهَى، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَنْسَاءَ مَوْصُولًا، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي مِنْ وَلَدِ جَعْفَرٍ هِيَ أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَوَلِيُّهَا هُوَ عَمُّ أَبِيهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَخْرَجَهُ الْمُسْتَغْفِرِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ رَبِيعَةَ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّهَا تَأَيَّمَتْ مِنْ زَوْجِهَا حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ فَقَالَتْ: إِنِّي لَا آمَنُ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَضَعَنِي حَيْثُ لَا يُوَافِقُنِي، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ،