للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابْنُ إِسْمَاعِيلَ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ ضَعْفٌ، وَأَقْوَى مَنْ زَادَ فِيهِ عَائِشَةَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَالَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ عَائِشَةَ أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَحْفَظُ وَأَعْرَفُ بِحَدِيثِ الثَّوْرِيِّ مِمَّنْ زَادَ، فَالَّذِي يَظْهَرُ عَلَى قَوَاعِدِ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ، وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ التَّلِّ، رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، فَقَالَ فِيهِ: عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادَ بَعْضِ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ يَعْنِي مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، لِأَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ شَيْبَةَ مَا حَضَرَتْ قِصَّةَ زَوَاجِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِمَكَّةَ طِفْلَةً أَوْ لَمْ تُولَدْ بَعْدُ، وَتَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَأَمَّا جَزْمُ الْبَرْقَانِيُّ بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِدُونِ

ذِكْرِ عَائِشَةَ يَكُونُ مُرْسَلًا فَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ النَّسَائِيُّ ثُمَّ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَقَالَ: هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تُعَدُّ فِيمَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنَ الْمَرَاسِيلِ، وَكَذَا جَزَمَ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ شَيْبَةَ تَابِعِيَّةٌ، لَكِنْ ذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَحْرِيمِ مَكَّةَ، قَالَ: وَقَالَ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ مِثْلُهُ، قَالَ: وَوَصَلَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. قُلْتُ: وَكَذَا وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ. ثُمَّ قَالَ الْمِزِّيُّ: لَوْ صَحَّ هَذَا لَكَانَ صَرِيحًا فِي صُحْبَتِهَا، لَكِنَّ أَبَانَ بْنَ صَالِحٍ ضَعِيفٌ، كَذَا أَطْلَقَ هُنَا وَلَمْ يَنْقُلْ فِي تَرْجَمَةِ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ فِي التَّهْذِيبِ تَضْعِيفُهُ عَنْ أَحَدٍ، بَلْ نَقَلَ تَوْثِيقَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي زُرْعَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِ التَّهْذِيبِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا ضَعَّفَ أَبَانَ بْنَ صَالِحٍ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ لَمَّا ذَكَرَ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي اسْتِقْبَالِ قَاضِي الْحَاجَةِ الْقِبْلَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ الْمَذْكُورِ: هَذَا لَيْسَ صَحِيحًا لِأَنَّ أَبَانَ بْنَ صَالِحٍ ضَعِيفٌ، كَذَا قَالَ وَكَأَنَّهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ بِأَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْبَصْرِيِّ صَاحِبِ أَنَسٍ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقٍ، وَهُوَ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ حَدِيثًا وَرُوَاةً مِنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ؛ وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ.

قُلْتُ: وَلَكِنْ يَكْفِي تَوْثِيقُ ابْنِ مَعِينٍ وَمَنْ ذَكَرَ لَهُ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ وَغَيْرُهُمَا، وَأَشْهَرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمِزِّيُّ أَيْضًا حَدِيثَ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: طَافَ النَّبِيُّ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنٍ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، قَالَ الْمِزِّيُّ: هَذَا يُضَعِّفُ قَوْلَ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لَهَا رُؤْيَةٌ، فَإِنَّ إِسْنَادَهُ حَسَنٌ. قُلْتُ: وَإِذَا ثَبَتَتْ رُؤْيَتُهَا لَهُ وَضَبَطَتْ ذَلِكَ، فَمَا الْمَانِعُ أَنْ تَسْمَعَ خِطْبَتَهُ وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً؟!

قَوْلُهُ (عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ) هِيَ أُمُّهُ، وَاسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ الْحَجَبَيُّ، قُتِلَ جَدُّهُ الْأَعْلَى الْحَارِثُ يَوْمَ أُحُدٍ كَافِرًا وَكَذَا أَبُوهُ طَلْحَةُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَلِجَدِّهِ الْأَدْنَى طَلْحَةَ بْنِ الْحَارِثِ رُؤْيَةٌ، وَقَدْ أَغْفَلَ ذِكْرَهُ مَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحَابَةِ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيْهِمْ، وَوَقَعَ فِي رِجَالِ الْبُخَارِيِّ، لِلْكَلَابَاذِيِّ أَنَّهُ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ، وَوَهِمَ فِي ذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّضِيُّ الشَّاطِبِيُّ فِيمَا قَرَأْتُ بِخَطِّهِ.

قَوْلُهُ (أَوْلَمَ النَّبِيُّ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ اسْمِهَا صَرِيحًا، وَأَقْرَبُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ شَيْخِهِ الْوَاقِدِيِّ بِسَنَدٍ لَهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: لَمَّا خَطَبَنِي النَّبِيُّ فَذَكَرَ قِصَّةَ تَزْوِيجِهِ بِهَا -؛ فَأَدْخَلَنِي بَيْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ خُزَيْمَةَ، فَإِذَا جَرَّةٌ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ شَعِيرٍ، فَأَخَذْتُهُ فَطَحَنْتُهُ ثُمَّ عَصَدْتُهُ فِي الْبُرْمَةِ، وَأَخَذْتُ شَيْئًا مِنْ إِهَالَةٍ فَأَدَمْتُهُ، فَكَانَ ذَلِكَ طَعَامُ رَسُولِ اللَّهِ ، وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ أَيْضًا وَأَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ؛ فَذَكَرَ قِصَّةَ خِطْبَتِهَا وَتَزْوِيجِهَا، وَفِيهِ قَالَتْ: فَأَخَذْتُ