الْمَرْأَتَيْنِ) فِي رِوَايَةِ عُبَيْدٍ عَنْ آيَةٍ.
قَوْلُهُ (اللَّتَيْنِ) كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ التِّينِ الَّتِي بِالْإِفْرَادِ وَخَطَّأَهَا، فَقَالَ: الصَّوَابُ اللَّتَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ. قُلْتُ: وَلَوْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً لَأَمْكَنَ تَوْجِيهُهَا.
قَوْلُهُ (حَتَّى حَجَّ وَحَجَجْتُ مَعَهُ) فِي رِوَايَةِ عُبَيْدٍ: فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ، حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا، وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ فَكُنْتُ أَهَابُهُ، حَتَّى حَجَجْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا، قَالَ: مَرْحَبًا بِابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، مَا حَاجَتُكَ؟
قَوْلُهُ (وَعَدَلَ) أَيْ عَنِ الطَّرِيقِ الْجَادَّةِ الْمَسْلُوكَةِ إِلَى طَرِيقٍ لَا يُسْلَكُ غَالِبًا لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدٍ: فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ إِلَى الْأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ، وَبَيَّنَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ الْمَكَانَ الْمَذْكُورَ هُوَ مَرُّ الظَّهْرَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي الْمَغَازِي.
قَوْلُهُ (وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ فَتَبَرَّزَ) أَيْ قَضَى حَاجَتَهُ، وَتَقَدَّمَ ضَبْطُ الْإِدَاوَةِ وَتَفْسِيرِهَا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ، وَأَصْلُ تَبَرَّزَ مِنَ الْبَرَازِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْخَالِي الْبَارِزُ عَنِ الْبُيُوتِ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى نَفْسِ الْفِعْلِ، وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ الطيَالِسِيِّ: فَدَخَلَ عُمَرُ الْأَرَاكَ فَقَضَى حَاجَتَهُ، وَقَعَدْتُ لَهُ حَتَّى خَرَجَ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا يَجِدُ الْفَضَاءَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ اسْتَتَرَ بِمَا يُمْكِنُهُ السِّتْرُ بِهِ مِنْ شَجَرِ الْبَادِيَةِ.
قَوْلُهُ (فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ) فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ الْمَاضِيَةِ فِي الْمَظَالِمِ: فَسَكَبْتُ مِنَ الْإِدَاوَةِ.
قَوْلُهُ (فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ؟)، فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ حَدِيثٍ مُنْذُ سَنَةٍ فَتَمْنَعُنِي هَيْبَتُكَ أَنْ أَسْأَلَكَ، وَتَقَدَّمَ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مِنْ أَزْوَاجِهِ؟ قَالَ: تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ. قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَاسْأَلْنِي، فَإِنْ كَانَ لِي عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ بِهِ، وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ الْمَذْكُورَةِ، فَقَالَ: مَا تَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِذَلِكَ مِنِّي.
قَوْلُهُ (اللَّتَانِ) كَذَا فِي الْأُصُولِ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ الَّتِي بِالْإِفْرَادِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ اللَّتَانِ بِالتَّثْنِيَةِ. وَقَوْلُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ أَيْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمَا إِنْ تَتُوبَا مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ: ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾ أَيْ تَتَعَاوَنَا كَمَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي تَفْسِيرِ السُّورَةِ، وَمَعْنَى تَظَاهُرِهِمَا أَنَّهُمَا تَعَاوَنَتَا حَتَّى حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى نَفْسِهِ مَا حَرَّمَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَقَوْلُهُ ﴿قُلُوبُكُمَا﴾ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ فِي مَوْضِعِ التَّثْنِيَةِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِمْ وَضَعَا رِحَالَهُمَا أَيْ رَحْلَيْ رَاحِلَتَيْهِمَا.
قَوْلُهُ (وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْعِلْمِ وَأَنَّ عُمَرَ تَعَجَّبَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ شُهْرَتِهِ بِعِلْمِ التَّفْسِيرِ كَيْفَ خَفِيَ عَلَيْهِ هَذَا الْقَدْرُ مَعَ شُهْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ فِي نَفْسِ عُمَرَ وَتَقَدُّمِهِ فِي الْعِلْمِ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّصْرِ، وَمَعَ مَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَشْهُورًا بِهِ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ وَمُدَاخَلَةِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ، أَوْ تَعَجَّبَ مِنْ حِرْصِهِ عَلَى طَلَبِ فُنُونِ التَّفْسِيرِ حَتَّى مَعْرِفَةِ الْمُبْهَمِ، وَوَقَعَ فِي الْكَشَّافِ كَأَنَّهُ كَرِهَ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ. قُلْتُ: وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الزُّهْرِيُّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِعَيْنِهَا فِيمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْهُ، قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ قَالَ عُمَرُ وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَرِهَ وَاللَّهِ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكْتُمْهُ، وَلَا يَسْتَبْعِدُ الْقُرْطُبِيُّ مَا فَهِمَهُ الزُّهْرِيُّ، وَلَا بُعْدَ فِيهِ. قُلْتُ: وَيَجُوزُ فِي عَجَبًا التَّنْوِينُ وَعَدَمُهُ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَا فِي قَوْلِهِ وَا عَجَبًا إِنْ كَانَ مُنَوَّنًا فَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى أَعْجَبُ، وَمِثْلُهُ وَاهًا وَوَيْ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ عَجَبًا جِيءَ بِهَا تَعَجُّبًا تَوْكِيدًا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ فَالْأَصْلُ فِيهِ وَا عَجَبِي فَأُبْدِلَتِ الْكَسْرَةُ فَتْحَةً فَصَارَتِ