عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ وَاحِدَةٌ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ كُنَّ جَمْعًا وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ قِصَّةٌ غَيْرُ قِصَّةِ صَاحِبَتِهَا. ثُمَّ تَرْجَمَ الْجَوْنِيَّةَ فَقَالَ: أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ. ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: قَدِمَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ الْكِنْدِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُسْلِمًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أُزَوِّجُكَ أَجْمَلَ أَيِّمٍ فِي الْعَرَبِ، كَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمٍّ لَهَا فَتُوُفِّيَ وَقَدْ رَغِبَتْ فِيكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَابْعَثْ مَنْ يَحْمِلُهَا إِلَيْكَ.
فَبَعَثَ مَعَهُ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ. قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: فَأَقَمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ تَحَمَّلَتْ مَعِي فِي مِحَفَّةٍ، فَأَقْبَلْتُ بِهَا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَنْزَلْتُهَا فِي بَنِي سَاعِدَةَ، وَوَجَّهْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَأَخْبَرْتُهُ الْحَدِيثَ. قَالَ ابْنُ أَبِي عَوْنٍ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ. ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْجَوْنِيَّةِ فَحَمَلْتُهَا حَتَّى نَزَلْتُ بِهَا فِي أُطُمِ بَنِي سَاعِدَةَ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ، فَخَرَجَ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى جَاءَهَا الْحَدِيثَ.
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: اسْمُ الْجَوْنِيَّةِ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ، قِيلَ لَهَا اسْتَعِيذِي مِنْهُ فَإِنَّهُ أَحْظَى لَكَ عِنْدَهُ، وَخُدِعَتْ لِمَا رُئِيَ مِنْ جَمَالِهَا، وَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا قَالَتْ فَقَالَ: إِنَّهُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ وَكَيْدُهُنَّ. فَهَذِهِ تَتَنَزَّلُ قِصَّتُهَا عَلَى حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَمَّا الْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ فَيُمْكِنُ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَى هَذِهِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الِاسْتِعَاذَةُ، وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ فِيهَا أَشْيَاءُ مُغَايِرَةٌ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ، فَيَقْوَى التَّعَدُّدُ، وَيَقْوَى أَنَّ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ اسْمُهَا أُمَيْمَةُ وَالَّتِي فِي حَدِيثِ سَهْلٍ اسْمُهَا أَسْمَاءُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأُمَيْمَةُ كَانَ قَدْ عَقَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ فَارَقَهَا وَهَذِهِ لَمْ يُعْقِدْ عَلَيْهَا بَلْ جَاءَ لِيَخْطُبَهَا فَقَطْ.
قَوْلُهُ (فَأَهْوَى بِيَدِهِ) أَيْ أَمَالَهَا إِلَيْهَا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ فَأَهْوَى إِلَيْهَا لِيُقَبِّلَهَا، وَكَانَ إِذَا اخْتَلَى النِّسَاءَ أَقْعَى وَقَبَّلَ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا دَاخِلٌ مِنَ النِّسَاءِ وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلَ النِّسَاءِ فَقَالَتْ: إِنَّكِ مِنَ الْمُلُوكِ فَإِنْ كُنْتِ تُرِيدِينَ أَنْ تَحْظَيْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِذَا جَاءَكَ فَاسْتَعِيذِي مِنْهُ. وَوَقَعَ عِنْدَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْغَسِيلِ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ إِنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ دَخَلَتَا عَلَيْهَا أَوَّلَ مَا قَدِمَتْ فَمَشَّطَتَاهَا وَخَضَّبَتَاهَا، وَقَالَتْ لَهَا إِحْدَاهُمَا: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ يُعْجِبُهُ مِنَ الْمَرْأَةِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا أَنْ تَقُولَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ.
قَوْلُهُ (فَقَالَ: قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَا يُسْتَعَاذُ بِهِ، أَوِ اسْمُ مَكَانِ الْعَوْذِ، وَالتَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ فَقَالَ بِكُمِّهِ عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ: عُذْتِ مَعَاذًا. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِي أُخْرَى لَهُ فَقَالَ: أمنُ عَائِذَ اللَّهِ.
قَوْلُهُ (ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّيْنِ) بِرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ ثُمَّ قَافٍ بِالتَّثْنِيَةِ صِفَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَالرَّازِقِيَّةُ ثِيَابٌ مِنْ كَتَّانٍ بِيضٌ طِوَالٌ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَكُونُ فِي دَاخِلِ بَيَاضِهَا زُرْقَةٌ، وَالرَّازِقِيُّ الصَّفِيقُ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: مَتَّعَهَا بِذَلِكَ إِمَّا وُجُوبًا وَإِمَّا تَفَضُّلًا. قُلْتُ: وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ.
قَوْلُهُ (وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالطَّلَاقِ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ ذَلِكَ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَوَّلَ أَحَادِيثِ الْبَابِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ لَهَا الْحَقِي بِأَهْلِكِ، ثُمَّ لَمَّا خَرَجَ إِلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ لَهُ أَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا، فَلَا مُنَافَاةَ، فَالْأَوَّلُ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ وَالثَّانِي أَرَادَ بِهِ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ وَهُوَ أَنْ يُعِيدَهَا إِلَى أَهْلِهَا، لِأَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ هُوَ الَّذِي كَانَ أَحْضَرَهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ فَأَمَرَنِي فَرَدَدْتُهَا إِلَى قَوْمِهَا وَفِي أُخْرَى لَهُ فَلَمَّا وَصَلْتُ بِهَا تَصَايَحُوا وَقَالُوا: إِنَّكِ لَغَيْرُ مُبَارَكَةٍ، فَمَا دَهَاكِ؟ قَالَتْ: خُدِعْتُ.
قَالَ: فَتُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ. قَالَ وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهَا مَاتَتْ كَمَدًا ثُمَّ رُوِيَ بِسَنَدٍ فِيهِ الْكَلْبِيُّ أَنَّ الْمُهَاجِرَ بْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute