ابْنِ عَبَّاسٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ فَالطَّلَاقُ بِيَدِ الْعَبْدِ وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً لَهَا زَوْجٌ فَالطَّلَاقُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَالَ: إِبَاقُ الْعَبْدِ طَلَاقُهُ.
وحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ أَوْرَدَه الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَفِي عِدَّةِ أَبْوَابٍ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، وَطَرِيقُ رَبِيعَةَ الَّتِي أَوْرَدَهَا هُنَا أَوْرَدَهَا مَوْصُولَةً مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْهُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَوْرَدَهَا فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْهُ عَنِ الْقَاسِمِ مُرْسَلًا، وَلَا يَضُرُّ إِرْسَالُهُ لِأَنَّ مَالِكًا أَحْفَظُ مِنْ إِسْمَاعِيلَ وَأَتْقَنُ، وَقَدْ وَافَقَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، لَكِنْ صَدَّرَهُ بِقِصَّةِ اشْتِرَاطِ الَّذِينَ بَاعُوهَا عَلَى عَائِشَةَ أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْوَلَاءُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْعِتْقِ، وَكَذَا رَوَاهُ عُرْوَةُ، وَعَمْرَةُ، وَالْأَسْوَدُ، وَأَيْمَنُ الْمَكِّيُّ عَنْ عَائِشَةَ، وَكَذَا رَوَاهُ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ، وَرَوَى قِصَّةَ الْبُرْمَةِ وَاللَّحْمِ أَنَسٌ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُهُ فِي الْهِبَةِ وَيَأْتِي، وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قِصَّةَ تَخْيِيرِهَا لَمَّا عَتَقَتْ كَمَا يَأْتِي بَعْدُ، وَطُرُقُهُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ.
قَوْلُهُ (كَانَ فِي بَرِيرَةَ) تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا وَضَبْطُ اسْمِهَا فِي أَوَاخِرِ الْعِتْقِ، وَقِيلَ إِنَّهَا نَبَطِيَّةٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَقِيلَ إِنَّهَا قِبْطَيَّةٌ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقِيلَ إِنَّ اسْمَ أَبِيهَا صَفْوَانُ وَأَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَاخْتُلِفَ فِي مَوَالِيهَا فَفِي رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ لِنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكَذَا عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ سَمَّاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ لِآلِ أَبِي لَهَبٍ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ قَائِلِهِ، انْتَقَلَ وَهْمُهُ مِنْ أَيْمَنَ أَحَدُ رُوَاةِ قِصَّةِ بَرِيرَةَ عَنْ عَائِشَةَ إِلَى بَرِيرَةَ، وَقِيلَ لِآلِ بَنِي هِلَالٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
قَوْلُهُ (ثَلَاثُ سُنَنٍ) وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ ثَلَاثُ قَضِيَّاتٍ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُدَ قَضَى فِيهَا النَّبِيُّ ﷺ أَرْبَعَ قَضِيَّاتٍ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَزَادَ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ تَقَعْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَتْ عَلَى ثَلَاثٍ، لَكِنْ أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرْتُ بَرِيرَةَ أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَهَذَا مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلُهُ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ وَيُخَالِفُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي عِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ وَأَنَّ مَنْ قَالَ الْخُلْعُ فَسْخٌ قَالَ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ، وَهُنَا لَيْسَ اخْتِيَارُ الْعَتِيقَةِ نَفْسَهَا طَلَاقًا فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ بَلْ هُوَ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ الصِّحَّةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَعَلَ عِدَّةَ بَرِيرَةَ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ وَهُوَ شَاهِدٌ قَوِيٌّ، لِأَنَّ أَبَا مَعْشَرٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ لَكِنْ يَصْلُحُ فِي الْمُتَابَعَاتِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَآخَرِينَ أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ فَطَلَاقُهَا طَلَاقُ عَبْدٍ وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ حُرَّةٍ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي الْعِتْقِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ صَنَّفُوا فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ تَصَانِيفَ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَوْصَلَهَا إِلَى أَرْبَعِمِائَةِ فَائِدَةٍ، وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلَ عَائِشَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ لِأَنَّ مُرَادَ عَائِشَةَ مَا وَقَعَ مِنَ الْأَحْكَامِ فِيهَا مَقْصُودًا خَاصَّةً، لَكِنْ لَمَّا كَانَ كُلُّ حُكْمٍ مِنْهَا يَشْتَمِلُ عَلَى تَقْعِيدِ قَاعِدَةٍ يَسْتَنْبِطُ الْعَالِمُ الْفَطِنُ مِنْهَا فَوَائِدَ جَمَّةً وَقَعَ التَّكَثُّرُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَانْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي سِيَاقِ الْقِصَّةِ غَيْرَ مَقْصُودٍ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَوَائِدَ تُؤْخَذُ بِطَرِيقِ التَّنْصِيصِ أَوْ الِاسْتِنْبَاطِ، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّلَاثِ أَوِ الْأَرْبَعِ لِكَوْنِهَا أَظْهَرَ مَا فِيهَا وَمَا عَدَاهَا إِنَّمَا يُؤْخَذُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ، أَوْ لِأَنَّهَا أَهَمُّ وَالْحَاجَةُ إِلَيْهَا أَمَسُّ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: مَعْنَى ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute