ﷺ مُطْلَقًا، وَجَوَازُ التَّطَوُّعِ مِنْهَا عَلَى مَا يَلْحَقُ بِهِ فِي تَحْرِيمِ صَدَقَةِ الْفَرْضِ كَأَزْوَاجِهِ وَمَوَالِيهِ، وَأَنَّ مَوَالِيَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ الصَّدَقَةُ وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَى الْأَزْوَاجِ، وَجَوَازُ أَكْلِ الْغَنِيِّ مَا تُصَدِّقُ بِهِ عَلَى الْفَقِيرِ إِذَا أَهْدَاهُ لَهُ وَبِالْبَيْعِ أَوْلَى، وَجَوَازُ قَبُولِ الْغَنِيِّ هَدِيَّةَ الْفَقِيرِ. وَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ فِي الْحُكْمِ. وَفِيهِ نُصْحُ أَهْلِ الرَّجُلِ لَهُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا وَجَوَازُ أَكْلِ الْإِنْسَانِ مِنْ طَعَامِ مَنْ يُسَرُّ بِأَكْلِهِ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ بِخُصُوصِهِ، وَبِأَنَّ الْأَمَةَ إِذَا عَتَقَتْ جَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ بِنَفْسِهَا فِي أُمُورِهَا وَلَا حَجْرَ لِمُعْتِقِهَا عَلَيْهَا إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً، وَأَنَّهَا تَتَصَرَّفُ فِي كَسْبِهَا دُونَ إِذْنِ زَوْجِهَا إِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ.
وَفِيهِ جَوَازُ الصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَمُونُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَمُونُ بَرِيرَةَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا قَبُولَهَا الصَّدَقَةَ، وَأَنَّ لِمَنْ أُهْدِيَ لِأَهْلِهِ شَيْءٌ أَنْ يُشْرِكَ نَفْسَهُ مَعَهُمْ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَهُوَ لَنَا هدِيَّةٌ وَأَنَّ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ جَازَ لَهُ أَكْلُ عَيْنِهَا إِذَا تَغَيَّرَ حُكْمُهَا، وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُدْخِلَ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا مَا لَا يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَأَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِهِ بِالطَّبْخِ وَغَيْرِهِ بَآلَاتِهِ وَوُقُودِهِ، وَجَوَازُ أَكْلِ الْمَرْءِ مَا يَجِدُهُ فِي بَيْتِهِ إِذَا غَلَبَ الْحِلُّ فِي الْعَادَةِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي تَعْرِيفُهُ بِمَا يَخْشَى تَوَقُّفَهُ عَنْهُ، وَاسْتِحْبَابُ السُّؤَالِ عَمَّا يُسْتَفَادُ بِهِ عِلْمٌ أَوْ أَدَبٌ أَوْ بَيَانُ حُكْمٍ أَوْ رَفْعُ شُبْهَةٍ وَقَدْ يَجِبُ، وَسُؤَالُ الرَّجُلِ عَمَّا لَمْ يَعْهَدَهُ فِي بَيْتِهِ، وَأَنَّ هَدِيَّةَ الْأَدْنَى لِلْأَعْلَى لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِثَابَةَ مُطْلَقًا، وَقَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَإِنْ نَزَرَ قَدْرُهَا جَبْرٌ لِلْمُهْدِي، وَأَنَّ الْهَدِيَّةَ تُمْلَكُ بِوَضْعِهَا فِي بَيْتِ الْمُهْدِي لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّصْرِيحِ بِالْقَبُولِ، وَأَنَّ لِمَنْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا شَاءَ وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُ الْمُتَصَدِّقِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّؤَالُ عَنْ أَصْلِ الْمَالِ الْوَاصِلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَلَا عَنِ الذَّبِيحَةِ إِذَا ذُبِحَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّ مَنْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ قَلِيلٌ لَا يَتَسَخَّطُهُ.
وَفِيهِ مُشَاوَرَةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي التَّصَرُّفَاتِ، وَسُؤَالُ الْعَالِمِ عَنِ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، وَإِعْلَامُ الْعَالِمِ بِالْحُكْمِ لِمَنْ رَآهُ يَتَعَاطَى أَسْبَابَهُ وَلَوْ لَمْ يَسْأَلْ وَمُشَاوَرَةُ الْمَرْأَةِ إِذَا ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ التَّخْيِيرِ فِي فِرَاقِ زَوْجِهَا أَوِ الْإِقَامَةِ عِنْدَهُ، وَأَنَّ عَلَى الَّذِي يُشَاوِرُ بَذْلَ النَّصِيحَةِ. وَفِيهِ جَوَازُ مُخَالَفَةِ الْمُشِيرِ فِيمَا يُشِيرُ بِهِ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ، وَاسْتِحْبَابُ شَفَاعَةِ الْحَاكِمِ فِي الرِّفْقِ بِالْخَصْمِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَلَا إِلْزَامَ، وَلَا لَوْمَ عَلَى مَنْ خَالَفَ وَلَا غَضَبَ وَلَوْ عَظُمَ قَدْرُ الشَّافِعِ، وَتَرْجَمَ لَهُ النَّسَائِيُّ شَفَاعَةُ الْحَاكِمِ فِي الْخُصُومِ قَبْلَ فَصْلِ الْحُكْمِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ الْقَبُولُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّصْمِيمَ فِي الشَّفَاعَةِ لَا يَسُوغُ فِيمَا تَشُقُّ الْإِجَابَةُ فِيهِ عَلَى الْمَسْئُولِ بَلْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْعَرْضِ وَالتَّرْغِيبِ. وَفِيهِ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهَا الْمَشْفُوعُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ مُغِيثًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ، كَذَا قِيلَ، وَقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَنَّ الْعَبَّاسَ هُوَ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ فِي ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُغِيثٌ سَأَلَ الْعَبَّاسَ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْعَبَّاسُ ابْتَدَأَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ شَفَقَةً مِنْهُ عَلَى مُغِيثٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ: فِيهِ أَنَّ الشَّافِعَ يُؤْجَرُ وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ إِجَابَتُهُ، وَأَنَّ الْمَشْفُوعَ عِنْدَهُ إِذَا كَانَ دُونَ قَدْرِ الشَّافِعِ لَمْ تَمْتَنِعِ الشَّفَاعَةُ، قَالَ: وَفِيهِ تَنْبِيهُ الصَّاحِبِ صَاحِبَهُ عَلَى الِاعْتِبَارِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ لِتَعْجِيبِ النَّبِيِّ ﷺ الْعَبَّاسَ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ نَظَرَهُ ﷺ كَانَ كُلُّهُ بِحُضُورٍ وَفِكْرٍ، وَأَنَّ كُلَّ مَا خَالَفَ الْعَادَةَ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ وَيُعْتَبَرُ بِهِ. وَفِيهِ حُسْنُ أَدَبِ بَرِيرَةَ لِأَنَّهَا لَمْ تُفْصِحْ بِرَدِّ الشَّفَاعَةِ وَإِنَّمَا قَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. وَفِيهِ أَنَّ فَرْطَ الْحُبِّ يُذْهِبُ الْحَيَاءَ لِمَا ذُكِرَ مِنْ حَالِ مُغِيثٍ وَغَلَبَةِ الْوَجْدِ عَلَيْهِ حَتَّى لَمْ يَسْتَطِعْ كِتْمَانَ حُبِّهَا، وَفِي تَرْكِ النَّكِيرِ عَلَيْهِ بَيَانُ جَوَازِ قَبُولِ عُذْرِ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ مِمَّنْ يَقَعُ مِنْهُ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ إِذَا وَقَعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا مَعْذِرَةُ أَهْلِ الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ إِذَا حَصَلَ لَهُمُ الْوَجْدُ مِنْ سَمَاعِ مَا يَفْهَمُونَ مِنْهُ الْإِشَارَةُ إلى أَحْوَالَهَمْ حَيْثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute