٥٢٨٧ - وَقَالَ عَطَاءٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَتْ قَرِيبَةُ ابِنْة أَبِي أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَتْ أُمُّ الْحَكَمِ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ تَحْتَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ الْفِهْرِيِّ، فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمانَ الثَّقَفِيُّ.
قَوْلُهُ (بَابُ نِكَاحِ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكَاتِ وَعِدَّتِهِنَّ) أَيْ قَدْرِهَا، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَكْفِي أَنْ تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ.
قَوْلُهُ: (أَنْبَأَنَا هِشَامٌ) هُوَ ابْنُ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَطَاءٌ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ، كَأَنَّهُ كَانَ فِي جُمْلَةِ أَحَادِيثَ حَدَّثَ بِهَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ عَطَاءٌ كَمَا قَالَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْحَدِيثِ: قَالَ وَقَالَ عَطَاءٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ بَعْدَ سِيَاقِهِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ مِثْلُ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عِلَّةٌ كَالَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ نُوحٍ، وَقَدْ قَدَّمْتُ الْجَوَابَ عَنْهَا، وَحَاصِلُهَا أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيَّ وَمَنْ تَبِعَهُ جَزَمُوا بِأَنَّ عَطَاءً الْمَذْكُورَ هُوَ الْخُرَاسَانِيُّ، وَأَنَّ ابْنَ جَرِيرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ التَّفْسِيرَ وَإِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ أَبِيهِ عُثْمَانَ عَنْهُ، وَعُثْمَانُ ضَعِيفٌ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَاصِلُ الْجَوَابُ جَوَازُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عِنْدَ ابْنِ جُرَيْجٍ بِالْإِسْنَادَيْنِ، لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى الْبُخَارِيِّ مَعَ تَشَدُّدِهِ فِي شَرْطِ الِاتِّصَالِ، مَعَ كَوْنِ الَّذِي نَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ عَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ الْمَشْهُورُ بِهِ، وَعَلَيْهِ يُعَوَّلُ غَالِبًا فِي هَذَا الْفَنِّ خُصُوصًا عِلَلَ الْحَدِيثِ. وَقَدْ ضَاقَ مَخْرَجُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ ثُمَّ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ فَلَمْ يُخْرِجَاهُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ تُخْطَبْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ) تَمَسَّكَ بِظَاهِرِهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَحِيضُ ثَلَاثَ حِيَضٍ، لِأَنَّهَا صَارَتْ بِإِسْلَامِهَا وَهِجْرَتِهَا مِنَ الْحَرَائِرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سُبِيَتْ. وَقَوْلُهُ فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا مَعَهَا يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَعْنِيَ بِحَدِيثِ مُجَاهِدٍ الَّذِي وَصَفَهُ بِالْمِثْلِيَّةِ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ هَذَا وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ إِلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ كَلَامًا آخَرَ يَتَعَلَّقُ بِنِسَاءِ أَهْلِ الْعَهْدِ وَهُوَ أَوْلَى، لِأَنَّهُ قَسَمَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى قِسْمَيْنِ: أَهْلُ حَرْبٍ، وَأَهْلُ عَهْدٍ. وَذَكَرَ حُكْمَ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ ثُمَّ حُكْمَ أَرِقَّائِهِمْ، فَكَأَنَّهُ أَحَالَ بِحُكْمِ نِسَاءِ أَهْلِ الْعَهْدِ عَلَى حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، ثُمَّ عَقَّبَهُ بِذِكْرِ حُكْمِ أَرِقَّائِهِمْ. وَحَدِيثُ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ فِي قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ﴾ أَيْ إِنْ أَصَبْتُمْ مَغْنَمًا مِنْ قُرَيْشٍ فَأَعْطُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا عِوَضًا، وَسَيَأْتِي بَسْطُ هَذَا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) هـ وَمَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ كَمَا بَيَّنْتُهُ قَبْلُ.
قَوْلُهُ: (كَانَتْ قُرَيْبَةُ) بِالْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرَةٌ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَضَبَطَهَا الدِّمْيَاطِيُّ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَبِعَهُ الذَّهَبِيُّ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ مِنْ طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ. وَكَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَاضِي فِي الشُّرُوطِ. وَلِلْأَكْثَرِ بِالتَّصْعِيرِ كَالَّذِي هُنَا، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ فِي هَذَا الِاسْمِ الْوَجْهَيْنِ، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي الْقَامُوسِ بِالتَّصْغِيرِ وَقَدْ تُفْتَحُ.
قَوْلُهُ: (ابْنَةُ أَبِي أُمَيَّةَ) أَيِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَسْلَمَتْ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَفَتْحِ مَكَّةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي النَّسَائِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي قِصَّةِ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ ﷺ بِهَا فَفِيهِ: وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ