للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُورِدُهُ مَوْصُولًا مِنَ الْمَوْقُوفَاتِ أَوْ مِمَّا لَا يَكُونُ مِنَ الْمَرْفُوعَاتِ عَلَى شَرْطِهِ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ بْنَ شِهَابٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ وَهُوَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ.

قَوْلُهُ: (قَالَ مَالِكٌ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (وَصِيَامُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ شِهَابٍ الَّذِي نَقَلَ مَالِكٌ عَنْهُ أَنَّ ظِهَارَ الْعَبْدِ نَحْوُ ظِهَارِ الْحُرِّ كَأَنْ يُعْطَى الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ جَمِيعَ أَحْكَامِ الْحُرِّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالتَّشْبِيهِ مُطْلَقَ صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنَ الْعَبْدِ كَمَا يَصِحُّ مِنَ الْحُرِّ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُعْطَى جَمِيعَ أَحْكَامِهِ، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا ظَاهَرَ لَزِمَهُ، وَأَنَّ كَفَّارَتَهُ بِالصِّيَامِ شَهْرَانِ كَالْحُرِّ، نَعَمِ اخْتَلَفُوا فِي الْإِطْعَامِ وَالْعِتْقِ، فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا الصِّيَامُ فَقَطْ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ: إِنْ أَطْعَمَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَجْزَأَهُ. وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ مَرْدُودٌ فَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ظِهَارُ الْعَبْدِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ الرِّقَابَ، وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ تَحْرِيرَ الرَّقَبَةِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَنْ يَجِدُهَا فَكَانَ كَالْمُعْسِرِ فَفَرْضُهُ الصِّيَامُ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَدْرِ صِيَامِهِ فَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: لَوْ صَامَ شَهْرًا أَجْزَأَ عَنْهُ. وَعَنِ الْحَسَنِ يَصُومُ شَهْرَيْنِ. وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي رَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَةٍ أَمَةٍ قَالَ: شَطْرُ الصَّوْمِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَفِي رِوَايَةٍ وَقَالَ الْحَسَنُ فَقَطْ، فَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ فَهُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ ابْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ نَزِيلُ دِمَشْقَ، ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ ذِكْرٌ إِلَّا في هَذَا الْمَوْضِعَ إِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ فَبِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ نُسِبَ لِجَدِّ أَبِيهِ وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَاسْمُ حَيٍّ حَيَّانُ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ فَقِيهٌ عَابِدٌ مِنْ طَبَقَةِ سُفْيَانَ، الثَّوْرِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِيهِ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْأَثَرَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: الظِّهَارُ مِنَ الْأَمَةِ كَالظِّهَارِ مِنَ الْحُرَّةِ وَقَدْ وَقَعَ لَنَا الْكَلَامُ الْمَذْكُورُ مِنْ قَوْلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ سُئِلَ قَتَادَةُ عَنْ رَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ سُرِّيَّتِهِ، فَقَالَ: قَالَ الْحَسَنُ، وَابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَطَاءٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: مِثْلُ ظِهَارِ الْحُرَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَرَبِيعَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ فَرْجٌ حَلَالٌ فَيَحْرُمُ بِالتَّحْرِيمِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ الْحَسَنِ: إِنْ وَطِئَهَا فَهُوَ ظِهَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِنْ ظَاهِرَ مِنْ أَمَتِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا الظِّهَارُ مِنَ النِّسَاءِ) وَصَلَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ، وَجَاءَ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنِ الظِّهَارِ مِنَ الْأَمَةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ شَيْئًا، فَقُلْتُ: أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: ﴿مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ أَفَلَيْسَتْ مِنَ النِّسَاءِ؟ فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ أَوَلَيْسَ الْعَبِيدُ مِنَ الرِّجَالِ؟ أَفَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبِيدِ؟ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عِكْرِمَةَ خِلَافُهُ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يُكَفَّرُ عَنْ ظِهَارِ الْأَمَةِ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْحُرَّةِ، وَبِقَوْلِ عِكْرِمَةَ الْأَوَّلِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ وَلَيْسَتِ الْأَمَةُ مِنَ النِّسَاءِ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلَاقًا ثُمَّ أُحِلُّ بِالْكَفَّارَةِ، فَكَمَا لَا حَظَّ لِلْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ لَا حَظَّ لَهَا فِي الظِّهَارِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْقُولَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ فَلَا يَكُونُ بَيْنَ قَوْلَيْهِ اخْتِلَافٌ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الْعَرَبِيَّةِ لِمَا قَالُوا أَيْ فِيمَا قَالُوا) أَيْ يُسْتَعْمَلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ