أَفْتَانِي إِذَا وَضَعْتُ أَنْ أَنْكِحَ"
٥٣٢٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ فَجَاءَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ فَأَذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ"
قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾ سَقَطَ لَفْظُ بَابٍ لِأَبِي ذَرٍّ وَكَرِيمَةَ وَثَبَتَ لِلْبَاقِينَ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ بَطَّالٍ كِتَابُ الْعِدَّةِ - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ إِلَخْ وَالْعِدَّةُ اسْمٌ لِمُدَّةٍ تَتَرَبَّصُ بِهَا الْمَرْأَةُ عَنِ التَّزْوِيجِ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ فِرَاقِهِ لَهَا إِمَّا بِالْوِلَادَةِ أَوْ بِالْأَقْرَاءِ أَوِ الْأَشْهُرِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا يَحِضْنَ أَوْ لَا يَحِضْنَ). أَيْ فَسَّرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾ أَيْ لَمْ تَعْلَمُوا.
وَقَوْلُهُ: (وَاللَّائِي قَعَدْنَ عَنِ الْحَيْضِ) أَيْ حُكْمُهُنَّ حُكْمُ اللَّائِي يَئِسْنَ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ * فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ﴾ أَيْ أَنَّ حُكْمَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ أَصْلًا وَرَأْسًا حُكْمُهُنَّ فِي الْعِدَّةِ حُكْمُ اللَّائِي يَئِسْنَ، فَكَانَ تَقْدِيرُ الْآيَةِ: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ﴾ وَأَثَرُ مُجَاهِدٍ هَذَا وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الطَّلَاقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: الِارْتِيَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي تَشُكُّ فِي قُعُودِهَا عَنِ الْوَلَدِ وَفِي حَيْضِهَا أَتَحِيضُ أَوْ لَا، وَتَشُكُّ فِي انْقِطَاعِ حَيْضِهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَتَشُكُّ فِي صِغَرِهَا هَلْ بَلَغَتِ الْمَحِيضَ أَمْ لَا؟ وَتَشُكُّ فِي حَمْلِهَا أَبْلَغَتْ أَنْ تَحْمِلَ أَوْ لَا؟ فَمَا ارْتَبْتُمْ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ فَالْعِدَّةُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَهَذَا الَّذِي جَزَمَ بِهِ الزُّهْرِيُّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمَنِ انْقَطَعَ حَيْضُهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تَحِيضُ، فَذَهَبَ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَى أَنَّهَا تَنْتَظِرُ الْحَيْضَ إِلَى أَنْ تَدْخُلَ فِي السِّنِّ الَّذِي لَا يَحِيضُ فِيهِ مِثْلُهَا فَتَعْتَدُّ حِينَئِذٍ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ. وَعَنْ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ تَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةً. وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ إِنْ كَانَتْ شَابَّةً فَسَنَةً، وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ لِلْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ، وَأَمَّا الَّتِي تَحِيضُ وَيَتَأَخَّرُ حَيْضُهَا فَلَيْسَتْ آيِسَةً، لَكِنْ لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ سَلَفٌ وَهُوَ عُمَرُ، فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ ذَلِكَ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾ أَيْ فِي الْحُكْمِ لَا فِي الْيَأْسِ.
قَوْلُهُ: (إنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ) أَيِ ابْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي تَفْسِيرِ الطَّلَاقِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَذَلِكَ لَمَّا وَقَعَتِ الْمُرَاجَعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ مَشْرُوحًا هُنَاكَ. وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَفِيهِ فَدَخَلَ أَبُو سَلَمَةَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مُخْتَصَرًا، وَأَوْرَدَ الْقِصَّةَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنَ بِاخْتِصَارٍ أَيْضًا. الطَّرِيقُ الْأُولَى طَرِيقُ الْأَعْرَجِ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ كَذَا رَوَاهُ الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الطَّلَاقِ، وَفِيهِ قِصَّةٌ لِأَبِي سَلَمَةَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا سَلَمَةَ اجْتَمَعَا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَبَعَثُوا كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ فَذَكَرَتِ الْقِصَّةَ، وَهُوَ شَاهِدٌ لِرِوَايَةِ الْأَعْرَجِ.
وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَمِّ سَلَمَةَ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ فَذَكَرَ قِصَّتَهُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ فَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute