للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ضَافَهُ ضَيْفٌ وَهُوَ كَافِرٌ، فَأَمَرَ لَهُ بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ، فَشَرِبَ حِلَابَهَا، ثُمَّ أُخْرَى، ثُمَّ أُخْرَى، حَتَّى شَرِبَ حِلَابَ سَبْعِ شِيَاهٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ، فَأَمَرَ لَهُ بِشَاةٍ فَشَرِبَ حِلَابَهَا، ثُمَّ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا الْحَدِيثَ، وَهَذَا الرَّجُلُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ جَهْجَاهَ الْغِفَارِيَّ، فَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ أَنَّهُ قَدِمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ، فَحَضَرُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِيَدِ جَلِيسِهِ، فَلَمْ يَبْقَ غَيْرِي، فَكُنْتُ رَجُلًا عَظِيمًا طَوِيلًا لَا يُقْدِمُ عَلَيَّ أَحَدٌ، فَذَهَبَ بِي رَسُولُ اللَّهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَحَلَبَ لِي عَنْزًا فَأَتَيْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَلَبَ لِي آخَرَ، حَتَّى حَلَبَ سَبْعَةَ أَعْنُزٍ فَأَتَيْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أُتِيتُ بِصَنِيعِ بُرْمَةٍ فَأَتَيْتُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ: أَجَاعَ اللَّهُ مَنْ أَجَاعَ رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: مَهْ يَا أُمَّ أَيْمَنَ؛ أَكَلَ رِزْقَهُ، وَرِزْقُنَا عَلَى اللَّهِ.

فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ وَصَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ صَنَعَ مَا صَنَعَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، فَحَلَبَ لِي عَنْزًا وَرُوِيتُ وَشَبِعْتُ، فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ: أَلَيْسَ هَذَا ضَيْفَنَا؟! قَالَ: إِنَّهُ أَكَلَ فِي مِعًى وَاحِدٍ اللَّيْلَةَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَأَكَلَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ، الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعي وَاحِدٍ وَفِي إِسْنَادِ الْجَمِيعِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَالَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ سَبْعَةُ رِجَالٍ، فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَجُلًا وَأَخَذَ النَّبِيُّ رَجُلًا، فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أَبُو غَزْوَانَ. قَالَ فَحَلَبَ لَهُ سَبْعُ شِيَاهٍ فَشَرِبَ لَبَنَهَا كُلَّهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ : هَلْ لَكَ يَا أَبَا غَزْوَانَ أَنْ تُسْلِمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَسْلَمَ، فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَدْرَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ حَلَبَ لَهُ شَاةً وَاحِدَةً فَلَمْ يُتِمَّ لَبَنَهَا، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا غَزْوَانَ؟ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ نَبِيًّا لَقَدْ رُوِيتُ.

قَالَ: إِنَّكَ أَمْسِ كَانَ لَكَ سَبْعَةُ أَمْعَاءٍ وَلَيْسَ لَكَ الْيَوْمَ إِلَّا مِعًى وَاحِدٌ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ أَقْوَى مِنْ طَرِيقِ جَهْجَاهَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ كُنْيَتَهُ، لَكِنْ يُقَوِّي التَّعَدُّدَ أَنَّ أَحْمَدَ أَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ لَمَّا هَاجَرْتُ قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ، فَحَلَبَ لِي شُوَيْهَةً كَانَ يَحْلُبُهَا لِأَهْلِهِ فَشَرِبْتُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَسْلَمْتُ حَلَبَ لِي فَشَرِبْتُ مِنْهَا فَرُوِيتُ، فَقَالَ: أَرُوِيتَ؟ قُلْتُ: قَدْ رُوِيتُ مَا لَا رُوِيتُ قَبْلَ الْيَوْمِ الْحَدِيثَ، وَهَذَا لَا يُفَسَّرُ بِهِ الْمُبْهَمُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا، لَكِنْ لَيْسَ فِي قِصَّتِهِ خُصُوصُ الْعَدَدِ. وَلِأَحْمَدَ أَيْضًا وَلِأَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ، وَقَاسِمِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الدَّلَائِلِ وَالْبَغَوِيِّ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنِ بْنِ نَضْلَةَ الْغِفَارِيِّ حَدَّثَنِي جَدِّي نَضْلَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: أَقْبَلْتُ فِي لِقَاحٍ لِي حَتَّى أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَأَسْلَمْتُ ثُمَّ أَخَذْتُ عُلْبَةً فَحَلَبْتُ فِيهَا فَشَرِبَتهَا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَشْرَبُهَا مِرَارًا لَا أَمْتَلِئُ وَفِي لَفْظٍ إِنْ كُنْتُ لَأَشْرَبُ السَّبْعَةَ، فَمَا أَمْتَلِئُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَهَذَا أَيْضًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ مُبْهَمُ حَدِيثِ الْبَابِ لِاخْتِلَافِ السِّيَاقِ. وَوَقَعَ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ تَبَعًا لِعِيَاضٍ أَنَّهُ نَضْرَةُ بْنُ نَضْرَةَ الْغِفَارِيُّ، وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ أَنَّهُ لَمَّا أُسِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ وَقَعَتْ لَهُ قِصَّةٌ تُشْبِهُ قِصَّةَ جَهْجَاهَ، فَيَجُوزُ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ، وَبِهِ صَدَّرَ الْمَازِرِيُّ كَلَامَهُ.

وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ فَقِيلَ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ظَاهِرَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضُرِبَ لِلْمُؤْمِنِ وَزُهْدِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْكَافِرِ وَحِرْصِهِ عَلَيْهَا، فَكَانَ الْمُؤْمِنُ لِتَقَلُّلِهِ مِنَ الدُّنْيَا يَأْكُلُ فِي مِعي وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ لِشِدَّةِ رَغْبَتِهِ فِيهَا وَاسْتِكْثَارِهِ مِنْهَا يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْأَمْعَاءِ وَلَا خُصُوصَ الْأَكْلِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ التَّقَلُّلُ مِنَ الدُّنْيَا وَالِاسْتِكْثَارُ مِنْهَا، فَكَأَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ تَنَاوُلِ الدُّنْيَا بِالْأَكْلِ وَعَنْ أَسْبَابِ ذَلِكَ بِالْأَمْعَاءِ، وَوَجْهُ الْعَلَاقَةِ ظَاهِرٌ، وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ الْحَلَالَ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ الْحَرَامَ، وَالْحَلَالُ أَقَلُّ مِنَ الْحَرَامِ فِي الْوُجُودِ نَقَلَهُ ابْنُ التِّينِ، وَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ نَحْوَ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ فَقَالَ: حَمَلَ قَوْمٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا كَمَا تَقُولُ فُلَانٌ يَأْكُلُ