ﷺ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ فِي الْإِسْلَامِ.
قَوْلُهُ (قَالَ وَالْفَرَعُ) لَمْ يَتَعَيَّنْ هَذَا الْقَائِلُ هُنَا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ مَوْصُولًا التَّفْسِيرُ بِالْحَدِيثِ، وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْفَرَعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ الْحَدِيثَ جَعَلَهُ مَوْقُوفًا عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَحْسَبُ التَّفْسِيرَ فِيهِ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ. قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَ أَبُو قُرَّةَ فِي السُّنَنِ الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَصَرَّحَ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ تَفْسِيرَ الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ (أَوَّلُ النِّتَاجِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ نِتَاجٍ بِغَيْرِ أَلْفٍ وَلَامٍ، وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ خَفِيفَةٌ وَآخِرُهُ جِيمٌ.
قَوْلُهُ (كَانَ يُنْتَجُ لَهُمْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ: يُقَالُ نُتِجَتِ النَّاقَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ إِذَا وَلَدَتْ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا الْفِعْلُ إِلَّا هكَذَا وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ.
قَوْلُهُ (كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ) زَادَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ يَأْكُلُونَهُ وَيُلْقَى جِلْدُهُ عَلَى الشَّجَرِ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى عِلَّةِ النَّهْيِ، وَاسْتَنْبَطَ الشَّافِعِيُّ مِنْهُ الْجَوَازُ إِذَا كَانَ الذَّبْحُ لِلَّهِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْفَرَعُ حَقٌّ وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، كَذَا فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْفَرَعِ، قَالَ: الْفَرَعُ حَقٌّ، وَأَنْ تَتْرُكَهُ حَتَّى يَكُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ أَوِ ابْنَ لَبُونٍ فَتَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ تُعْطِيَهُ أَرْمَلَةً خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذْبَحَهُ يُلْصَقُ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ وَتُولَهُ نَاقَتُكَ وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قَوْلِهِ الْفَرَعَةُ حَقٌّ ; وَلَا تَذْبَحْهَا وَهِيَ تُلْصَقُ فِي يَدِكَ، وَلَكِنْ أَمْكِنْهَا مِنَ اللَّبَنِ حَتَّى إِذَا كَانَتْ مِنْ خِيَارِ الْمَالِ فَاذْبَحْهَا، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمُزَنِيِّ عَنْهُ: الْفَرَعُ شَيْءٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَذْبَحُونَهُ يَطْلُبُونَ بِهِ الْبَرَكَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَذْبَحُ بِكْرَ نَاقَتِهِ أَوْ شَاتِهِ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِيمَا يَأْتِي بَعْدَهُ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ ﷺ عَنْ حُكْمِهَا فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ عَلَيْهِمْ فِيهِ، وَأَمَرَهُمُ اسْتِحْبَابًا أَنْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى يَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ حَقٌّ أَيْ لَيْسَ بِبَاطِلٍ، وَهُوَ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ، وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْآخَرِ لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ فَإِنَّ مَعْنَاهُ لَا فَرَعَ وَاجِبٌ وَلَا عَتِيرَةَ وَاجِبَةٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ أَيْ لَيْسَا فِي تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ كَالْأُضْحِيَّةِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي حَرْمَلَةٍ عَلَى أَنَّ الْفَرَعَ وَالْعَتِيرَةَ مُسْتَحَبَّانِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ نُبَيْشَةَ - بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَمُعْجَمَةٍ مُصَغَّرٌ - قَالَ نَادَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ. قَالَ: إِنَّا كُنَّا نُفَرِّعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ: فِي كُلُّ سَائِمَةٍ فَرَعٌ تُغَذُّوهُ مَاشِيَتَكَ حَتَّى إِذَا اسْتَحْمَلَ ذَبَحْتَهُ فَتَصَدَّقْتَ بِلَحْمِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ السَّائِمَةُ مِائَةٌ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ ﷺ لَمْ يُبْطِلِ الْفَرَعَ وَالْعَتِيرَةَ مِنْ أَصْلِهِمَا، وَإِنَّمَا أَبْطَلَ صِفَةً مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَمِنَ الْفَرَعِ كَوْنُهُ يُذْبَحُ أَوَّلَ مَا يُولَدُ، وَمِنَ الْعَتِيرَةِ خُصُوصُ الذَّبْحِ فِي شَهْرِ رَجَبٍ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَمَلَةَ، عَنْ مِخْنَفِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلِيمٍ قَالَ كُنَّا وُقُوفًا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِعَرَفَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلٍّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ، هَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ فَقَدْ ضَعَّفَهُ الْخَطَّابِيُّ، لَكِنْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَجَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ. وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إِلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ حَدِيثُ نُبَيْشَةَ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْعَتَائِرُ وَالْفَرَائِعُ؟ قَالَ: مَنْ شَاءَ عَتَّرَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُعَتِّرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute