الْجَمْعِ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ وَاصِلٍ) هُوَ ابْنُ حَيَّانَ، وَلِلْأَصِيلِيِّ هُوَ الْأَحْدَبُ، وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْعِتْقِ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الْمَعْرُورِ) وَفِي الْعِتْقِ: سَمِعْتُ الْمَعْرُورَ بْنَ سُوَيْدٍ، وَهُوَ بِمُهْمَلَاتٍ سَاكِنُ الْعَيْنِ.
قَوْلُهُ: (بِالرَّبَذَةِ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاثُ مَرَاحِلَ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ) هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ شُعْبَةَ عَنْهُ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ، عَنْ شُعْبَةَ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ، فَإِذَا حُلَّةٌ عَلَيْهِ مِنْهَا ثَوْبٌ وَعَلَى عَبْدِهِ مِنْهَا ثَوْبٌ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَا فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْحُلَّةَ ثَوْبَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمَعْرُورِ، عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي الْأَدَبِ بِلَفْظِ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدًا فَقُلْتُ: لَوْ أَخَذْتُ هَذَا فَلَبِسْتُهُ كَانَتْ حُلَّةً وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: فَقُلْنَا: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلَّةً وَلِأَبِي دَاوُدَ: فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَوْ أَخَذْتَ الَّذِي عَلَى غُلَامِكِ فَجَعَلْتَهُ مَعَ الَّذِي عَلَيْكَ لَكَانَتْ حُلَّةً فَهَذَا مُوَافِقً لِقَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ ; لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ يَصِيرَانِ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا حُلَّةً، وَلَوْ كَانَ كَمَا فِي الْأَصْلِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُلَّةٌ لَكَانَ إِذَا جَمَعَهُمَا يَصِيرُ عَلَيْهِ حُلَّتَانِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ بُرْدٌ جَيِّدٌ تَحْتَهُ ثَوْبٌ خَلِقٌ مِنْ جِنْسِهِ وَعَلَى غُلَامِهِ كَذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: لَوْ أَخَذْتَ الْبُرْدَ الْجَيِّدَ فَأَضَفْتَهُ إِلَى الْبُرْدِ الْجَيِّدِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأَعْطَيْتَ الْغُلَامَ الْبُرْدَ الْخَلِقَ بَدَلَهُ لَكَانَتْ حُلَّةً جَيِّدَةً، فَتَلْتَئِمُ بِذَلِكَ الرِّوَايَتَانِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ لَكَانَتْ حُلَّةً أَيْ: كَامِلَةَ الْجَوْدَةِ، فَالتَّنْكِيرُ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْحُلَّةَ لَا تَكُونُ إِلَّا ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ يَحُلُّهُمَا مِنْ طَيِّهِمَا، فَأَفَادَ أَصْلَ تَسْمِيَةِ الْحُلَّةِ. وَغُلَامُ أَبِي ذَرٍّ الْمَذْكُورِ لَمْ يُسَمَّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبَا مُرَاوِحٍ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ، وَحَدِيثُهُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْكُنَى أَنَّ اسْمَهُ سَعْدٌ.
قَوْلُهُ: (فَسَأَلْتُهُ) أَيْ: عَنِ السَّبَبِ فِي إِلْبَاسِهِ غُلَامَهُ نَظِيرَ لُبْسِهِ ; لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمَأْلُوفِ، فَأَجَابَهُ بِحِكَايَةِ الْقِصَّةِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبًا لِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (سَابَبْتُ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ شَاتَمْتُ وَفِي الْأَدَبِ لِلْمُؤَلِّفِ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلَامٌ وَزَادَ مُسْلِمٌ مِنْ إِخْوَانِي وَقِيلَ: إِنَّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ هُوَ بِلَالٌ الْمُؤَذِّنُ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَرَوَى ذَلِكَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ مُنْقَطِعًا. وَمَعْنَى سَابَبْتُ وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِبَابٌ بِالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ مِنَ السَّبِّ بِالتَّشْدِيدِ وَأَصْلُهُ الْقَطْعُ وَقِيلَ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّبَّةِ وَهِيَ حَلْقَةُ الدُّبُرِ، سَمَّى الْفَاحِشَ مِنَ الْقَوْلِ بِالْفَاحِشِ مِنَ الْجَسَدِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُرَادُ قَطْعُ الْمَسْبُوبِ، وَعَلَى الثَّانِي الْمُرَادُ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ السَّابِّ إِبْدَاءَ عَوْرَةِ الْمَسْبُوبِ.
قَوْلُهُ: (فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ) أَيْ: نَسَبْتُهُ إِلَى الْعَارِ، زَادَ فِي الْأَدَبِ: وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَنِلْتُ مِنْهَا، وَفِي رِوَايَةٍ. قُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ، وَالْأَعْجَمِيُّ مَنْ لَا يُفْصِحُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ سَوَاءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute