للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَحَكَى الرُّويَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ اسْتِحْبَابَ التَّفْرِيقِ عَلَى أَيَّامِ النَّحْرِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا أَرْفَقُ بِالْمَسَاكِينِ لَكِنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ، كَذَا قَالَ وَالْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى اخْتِيَارِ التَّثْنِيَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِعَدَدٍ فَضَحَّى أَوَّلَ يَوْمٍ بِاثْنَيْنِ ثُمَّ فَرَّقَ الْبَقِيَّةَ عَلَى أَيَّامِ النَّحْرِ أَنْ يَكُونَ

مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ، وَفِيهِ أَنَّ الذَّكَرَ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلُ مِنَ الْأُنْثَى وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَعَنْهُ رِوَايَةُ أَنَّ الْأُنْثَى أَوْلَى، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِيهِ قَوْلَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَحَدُهُمَا عَنْ نَصِّهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ الذَّكَرُ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَالثَّانِي أَنَّ الْأُنْثَى أَوْلَى، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا يُذْكَرُ ذَلِكَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ عِنْدَ التَّقْوِيمِ، وَالْأُنْثَى أَكْثَرُ قِيمَةً فَلَا تُفْدَى بِالذَّكَرِ، أَوْ أَرَادَ الْأُنْثَى الَّتِي لَمْ تَلِدْ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْأَصَحُّ أَفْضَلِيَّةُ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ فِي الضَّحَايَا وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّضْحِيَةِ بِالْأَقْرَنِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْأَجَمِّ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ التَّضْحِيَةِ بِالْأَجَمِّ وَهُوَ الَّذِي لَا قَرْنَ لَهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَكْسُورِ الْقَرْنِ. وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ مُبَاشَرَةِ الْمُضَحِّي الذَّبْحَ بِنَفْسِهِ وَاسْتُدِلَّ به عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ اسْتِحْسَانِ الْأُضْحِيَّةِ صِفَةً وَلَوْنًا، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِنِ اجْتَمَعَ حُسْنُ الْمَنْظَرِ مَعَ طِيبِ الْمَخْبَرِ فِي اللَّحْمِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنِ انْفَرَدَا فَطِيبُ الْمَخْبَرِ أَوْلَى مِنْ حُسْنِ الْمَنْظَرِ. وَقَالَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ: أَفْضَلُهَا الْبَيْضَاءُ ثُمَّ الصَّفْرَاءُ ثُمَّ الْغَبْرَاءُ ثُمَّ الْبَلْقَاءُ ثُمَّ السَّوْدَاءُ. وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ فَوَائِدِ حَدِيثِ أَنَسٍ بَعْدَ أَبْوَابٍ.

قَوْلُهُ: (فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ) سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ، وَحَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ) يَعْنِي أَنَّهُمَا خَالَفَا عَبْدَ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ فِي شَيْخِ أَيُّوبَ فَقَالَ هُوَ أَبُو قِلَابَةَ، وَقَالَا: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، فَأَمَّا حَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ فَقَدْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ، وَهُوَ مُصَيِّرٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ صَحِيحَانِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ سِيَاقِهِمَا. وَأَمَّا حَدِيثُ حَاتِمِ بْنِ وَرْدَانَ فَوَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ) كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَقَدَّمَ الْبَاقُونَ مُتَابَعَةَ وُهَيْبٍ عَلَى رِوَايَتَيْ إِسْمَاعِيلَ، وَحَاتِمٍ وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ وُهَيْبًا إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ مُتَابِعًا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ كَذَلِكَ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: إِنَّمَا قَالَ أَوَّلًا قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَثَانِيًا تَابَعَهُ وُهَيْبٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ يُسْتَعْمَلُ عَلَى سَبِيلِ الْمُذَاكَرَةِ، وَالْمُتَابَعَةُ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ النَّقْلِ وَالتَّحَمُّلِ. قُلْتُ: لَوْ كَانَ هَذَا عَلَى إِطْلَاقِهِ لَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ طَرِيقَ إِسْمَاعِيلَ فِي الْأُصُولِ، وَلَمْ يَنْحَصِرِ التَّعْلِيقُ الْجَازِمُ فِي الْمُذَاكَرَةِ، بَلِ الَّذِي قَالَ إِنَّ الْبُخَارِيَّ لَا يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْمُذَاكَرَةِ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (اللَّيْثُ، عَنْ زَيْد) هُوَ ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ، بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ.

قَوْلُهُ: (أَعْطَاهُ غَنَمًا) هُوَ أَعَمُّ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى صَحَابَتِهِ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلنَّبِيِّ ﷺ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِعُقْبَةَ فَعَلَى كُلٍّ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْغَنَمُ مِلْكًا لِلنَّبِيِّ ﷺ وَأَمَرَ بِقِسْمَتِهَا بَيْنَهُمْ تَبَرُّعًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْفَيْءِ وَإِلَيْهِ جَنَحَ الْقُرْطُبِيُّ حَيْثُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: إِنَّ الْإِمَامَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ الضَّحَايَا عَلَى مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنْ كَانَ قَسَمَهَا بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ فَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ وَإِنْ كَانَ خَصَّ بِهَا الْفُقَرَاءَ فَهِيَ مِنَ الزَّكَاةِ. وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الشَّرِكَةِ بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَمِ وَالْعَدْلِ فِيهَا وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَيَّنَ لِعُقْبَةَ مَا يُعْطِيهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَهُوَ لَا يُوَكِّلُ إِلَّا بِالْعَدْلِ، وَإِلَّا لَوْ كَانَ وَكَلَ ذَلِكَ لِرَأْيِهِ لَعَسُرَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْغَنَمَ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا قِسْمَةُ الْإِجْزَاءِ، وَأَمَّا قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ فَتَحْتَاجُ إِلَى رَدٍّ، لِأَنَّ اسْتِوَاءَ قِسْمَتِهَا عَلَى التَّحْرِيرِ بَعِيدٌ. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ ضَحَّى بِهَا عَنْهُمْ، وَوَقَعَتِ الْقِسْمَةُ فِي اللَّحْمِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ قِسْمَةَ الْإِجْزَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ عَنِ ابْنِ الْمُنِيرِ قَبْلَ أَبْوَابٍ.

قَوْلُهُ: (فَبَقِيَ عَتُودٌ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْخَفِيفَةِ، وَهُوَ مِنْ أَوْلَادِ الْمَعْزِ مَا قَوِيَ وَرَعَى وَأَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ، وَالْجَمْعُ أَعْتِدَةٌ وَعِتْدَانٌ، وَتُدْغَمُ