للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْقَافِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ: وُوقِفَ بِزِيَادَةِ وَاوٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْوَاوِ الْمَضْمُومَةِ، وَالْقَائِلُ وَكَانَ سُفْيَانُ هُوَ الرَّاوِي عَنْهُ وَهُوَ الْحُمَيْدِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ. وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ أُمُّ الْفَضْلِ عَنْ نَفْسِهَا فَأُرْسِلَتْ أُمُّ الْفَضْلِ أَيْ عَلَى سَبِيلِ التَّجْرِيدِ، كَذَا قَالَ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ:

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ) كَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ عَنْهُ عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَحْدَهُ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ شَاذٌّ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ جَابِرٍ.

قَوْلُهُ: (مِنَ النَّقِيعِ) بِالنُّونِ، قِيلَ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي حُمِيَ لِرَعْيِ النِّعَمِ وَقِيلَ: غَيْرُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ ذِكْرُ نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ فَدَلَّ عَلَى التَّعَدُّدِ، وَكَانَ وَادِيًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ، وَالْمَاءُ النَّاقِعُ هُوَ الْمُجْتَمِعُ، وَقِيلَ: كَانَتْ تُعْمَلُ فِيهِ الْآنِيَةُ، وَقِيلَ: هُوَ الْبَاعُ، حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ، وَعَنِ الْخَلِيلِ: الْوَادِي الذي يَكُونُ فِيهِ الشَّجَرُ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: رَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي الْقَابِسِيَّ بِالْمُوَحَّدَةِ، وَكَذَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ، عَنْ أَبِي بَحْرِ بْنِ الْعَاصِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ، فَإِنَّ الْبَقِيعَ مَقْبَرَةٌ بِالْمَدِينَةِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْأَكْثَرُ عَلَى النُّونِ وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعَقِيقِ عَلَى عِشْرِينَ فَرْسَخًا مِنَ الْمَدِينَةِ.

قَوْلُهُ: (أَلَّا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالتَّشْدِيدِ بِمَعْنَى هَلَّا. وَقَوْلُهُ: خَمَّرْتُهُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ غَطَّيْتُهُ، وَمِنْهُ خِمَارُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ يَسْتُرُهَا.

قَوْلُهُ: (تَعْرُضُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الرَّاءِ قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ، وَأَجَازَ أَبُو عُبَيْدٍ كَسْرَ الرَّاءِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَرْضِ أَيْ تَجْعَلُ الْعُودَ عَلَيْهِ بِالْعَرْضِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُغَطِّهِ فَلَا أَقَلَّ مِنَ أنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ شَيْئًا. وَأَظُنُّ السِّرَّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِعَرْضِ الْعُودِ أَنَّ تَعَاطِيَ التَّغْطِيَةِ أَوِ الْعَرْضِ يَقْتَرِنُ بِالتَّسْمِيَةِ فَيَكُونُ الْعَرْضُ عَلَامَةً عَلَى التَّسْمِيَةِ فَتَمْتَنِعُ الشَّيَاطِينُ مِنَ الدُّنُوِّ مِنْهُ، وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ فِي بَابٌ فِي تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ بَعْدَ أَبْوَابٍ.

(تَنْبِيهٌ):

وَقَعَ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَحْدَهُ عَنْ جَابِرٍ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَسْقِيكَ نَبِيذًا؟ قَالَ: بَلَى، فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَسْعَى فَجَاءَ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أَلَا خَمَّرْتَهُ الْحَدِيثَ. وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ بِقَدَحِ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ لَيْسَ مُخَمَّرًا الْحَدِيثَ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قِصَّةَ اللَّبَنِ كَانَتْ لِأَبِي حُمَيْدٍ وَأَنَّ جَابِرًا أَحْضَرَهَا، وَأَنَّ قِصَّةَ النَّبِيذِ حَمَلَهَا جَابِرٌ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَأَبْهَمَ أَبُو حُمَيْدٍ صَاحِبَهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَبَا حُمَيْدٍ رَاوِيهَا أَبْهَمَ نَفْسَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ: قَدِمَ النَّبِيُّ مِنْ مَكَّةَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، فَقَالَ الْبَرَاءُ (١): إِنَّ هَذَا الْقَدْرَ هُوَ الَّذِي رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: وَرَوَاهُ إِسْرَائِيلُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مُطَوَّلًا. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهِجْرَةِ وَأَوَّلُهُ: إنَّ عَازِبًا بَاعَ رَحْلًا لِأَبِي بَكْرٍ وَسَأَلَهُ عَنْ قِصَّتِهِ مَعَ النَّبِيِّ فِي الْهِجْرَةِ وَقَوْلُهُ: فَحَلَبْتُ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ فَأَمَرْتُ الرَّاعِيَ فَحَلَبَ فَتَكُونُ نِسْبَةُ الْحَلْبِ لِنَفْسِهِ هُنَا مَجَازِيَّةً. وَقَوْلُهُ: كُثْبَةٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ. قَالَ الْخَلِيلُ: كُلُّ قَلِيلٍ جَمَعْتَهُ فهُوَ كُثْبَةٌ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّبَنِ أَوِ التَّمْرِ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: هِيَ مِنَ اللَّبَنِ مِلْءُ الْقَدَحِ، وَقِيلَ: قَدْرُ حَلْبَةِ نَاقَةٍ. وَمَحْمُودٌ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ هُوَ ابْنُ غَيْلَانَ، وَالنَّضْرُ هُوَ ابْنُ شُمَيْلٍ. وَأَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ فِي شُرْبِ النَّبِيِّ مِنَ اللَّبَنِ مَعَ كَوْنِ الرَّاعِي أَخْبَرَهُمُ أنَّ الْغَنَمَ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ فِي عُرْفِهِمُ التَّسَامُحُ بِذَلِكَ، أَوْ كَانَ صَاحِبُهَا أَذِنَ لِلرَّاعِي أَنْ يَسْقِيَ مَنْ يَمُرُّ بِهِ إِذَا الْتَمَسَ ذَلِكَ مِنْهُ. وَقِيلَ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ


(١) كذا في الأصل