للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هُوَ وَاقِعٌ كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَسُؤَالُ الْوَسِيلَةِ لَهُ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ فَهُوَ مَشْرُوعٌ، لِيُثَابَ مَنِ امْتَثَلَ الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَعًا.

قَوْلُهُ: (عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو) هُوَ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ أَكْثَرُ مِنَ اسْمِهِ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ أَبُو الْمُنْذِرِ التَّمِيمِيُّ، وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِي حِفْظِهِ، لَكِنْ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ: مَا رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الشَّامِ فَإِنَّهُ مَنَاكِيرُ، وَمَا رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ. قُلْتُ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ: كَانَ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ الشَّامِيُّونَ آخَرُ لِكَثْرَةِ الْمَنَاكِيرِ انْتَهَى. وَمَعَ ذَلِكَ فَمَا أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثًا آخَرَ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ أَيْضًا عَنْهُ، وَأَبُو عَامِرٍ بَصْرِيٌّ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ عَنْ شَيْخِهِ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَحَلْحَلَةُ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا لَامٌ سَاكِنَةٌ، وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ لَامٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ هَاءٌ.

قَوْلُهُ: (عَنِ النَّبِيِّ فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ .

قَوْلُهُ (مِنْ نَصَبٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ: هُوَ التَّعَبُ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا وَصَبٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةُ أَيْ مَرَضٌ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ، وَقِيلَ هُوَ الْمَرَضُ اللَّازِمُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٌ) هُمَا مِنْ أَمْرَاضِ الْبَاطِنِ، وَلِذَلِكَ سَاغَ عَطْفُهُمَا عَلَى الْوَصَبِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا أَذًى) هُوَ أَعَمُّ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: هُوَ خَاصٌّ بِمَا يَلْحَقُ الشَّخْصَ مِنْ تَعَدِّي غَيْرِهِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا غَمٌّ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ أَيْضًا مِنْ أَمْرَاضِ الْبَاطِنِ وَهُوَ مَا يُضَيِّقُ عَلَى الْقَلْبِ. وَقِيلَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْهَمُّ وَالْغَمُّ وَالْحُزْنُ أَنَّ الْهَمَّ يَنْشَأُ عَنِ الْفِكْرِ فِيمَا يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ مِمَّا يُتَأَذَّى بِهِ، وَالْغَمُّ كَرْبٌ يَحْدُثُ لِلْقَلْبِ بِسَبَبِ مَا حَصَلَ، وَالْحُزْنُ يَحْدُثُ لِفَقْدِ مَا يَشُقُّ عَلَى الْمَرْءِ فَقْدُهُ. وَقِيلَ: الْهَمُّ وَالْغَمُّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: الْغَمُّ يَشْمَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْمَكْرُوهَاتِ لِأَنَّهُ إِمَّا بِسَبَبِ مَا يَعْرِضُ لِلْبَدَنِ أَوِ النَّفْسِ، وَالْأَوَّلُ: إِمَّا بِحَيْثُ يَخْرُجُ عَنِ الْمَجْرَى الطَّبِيعِيِّ أَوْ لَا، وَالثَّانِي: إِمَّا أَنْ يُلَاحِظَ فِيهِ الْغَيْرَ أَوْ لَا، وَإِمَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهِ الِانْقِبَاضُ أَوْ لَا، وَإِمَّا بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَاضِي أَوْ لَا.

وَقَالَ زَكَرِيَّا: حَدَّثَنِي سَعْدٌ، حَدَّثَني ابْنُ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ، عَنْ النَّبِيِّ .

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ كَعْبٍ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ الْقَطَّانُ، وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، وَسَعْدٌ هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ أَيِ ابْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ.

قَوْلُهُ: (كَالْخَامَةِ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ هِيَ الطَّاقَةُ الطَّرِيَّةُ اللَّيِّنَةُ أَوِ الْغَضَّةُ أَوِ الْقَضْبَةُ، قَالَ الْخَلِيلُ: الْخَامَةُ الزَّرْعُ أَوَّلَ مَا يَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ وَاحِدٍ وَالْأَلِفُ مِنْهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ، عَنِ الْقَزَّازِ أَنَّهُ ذَكَرَهَا بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ، وَفَسَّرَهَا بِالطَّاقَةِ مِنَ الزَّرْعِ. وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ السُّنْبُلَةِ تَسْتَقِيمُ مَرَّةً وَتَخِرُّ أُخْرَى. وَلَهُ فِي حَدِيثِ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ الْخَامَةِ تَحْمَرُّ مَرَّةً وَتَصْفَرُّ أُخْرَى.

قَوْلُهُ: (تُفَيِّئُهَا) بِفَاءٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ مَهْمُوزٍ أَيْ تُمَيِّلُهَا وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُنَا لَمْ يَذْكُرِ الْفَاعِلُ وَهُوَ الرِّيحُ، وَبِهِ يَتِمُّ الْكَلَامُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْمَرَضِ وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ مَا وَقَعَ لَهُ، فَإِنَّ هَذَا الْبَابَ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ ذَلِكَ هُوَ بَابُ كَفَّارَةِ الْمَرَضِ وَلَفْظُ الرِّيحِ ثَابِتٌ فِيهِ عِنْدَ مُعْظَمِ الرُّوَاةِ، وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ مَعْنَى تُفَيِّئُهَا تُرْقِدُهَا، وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللُّغَةِ فَاءَ إِذَا رَقَدَ. قُلْتُ: لَعَلَّهُ تَفْسِيرُ مَعْنًى، لِأَنَّ الرُّقُودَ رُجُوعٌ عَنِ الْقِيَامِ وَفَاءَ يَجِيءُ بِمَعْنَى رَجَعَ.

قَوْلُهُ: (وَتَعْدِلُهَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ، وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْضًا وَفَتْحِ ثَانِيهِ وَالتَّشْدِيدِ. وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ تَصْرَعُهَا مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى، وَكَأَنَّ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ حَالِ الرِّيحِ: فَإِنْ كَانَتْ شَدِيدَةً حَرَّكَتْهَا فَمَالَتْ يَمِينًا وَشِمَالًا حَتَّى تُقَارِبَ السُّقُوطُ، وَإِنْ كَانَتْ سَاكِنَةً أَوْ إِلَى السُّكُونِ أَقْرَبَ أَقَامَتْهَا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا عِنْدَ مُسْلِمٍ حَتَّى تَهِيجَ أَيْ تَسْتَوِي وَيَكْمُلُ نُضْجُهَا، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِثْلهُ.

قَوْلُهُ: