للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْقَاسِمِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ : مَنْ أَبُوكُمْ؟ قَالُوا: أَبُونَا فُلَانٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : كَذَبْتُمْ بَلْ أَبُوكُمْ فُلَانٌ، فَقَالُوا: صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ. فَقَالَ: هَلْ أَنْتُمْ صادقوني عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا، فقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ : مَنْ أَهْلُ النَّارِ؟ فَقَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ : اخْسَئُوا فِيهَا، وَاللَّهِ لَا نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: هَلْ أَنْتُمْ صادقوني عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سَمًّا؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَذَّابًا نَسْتَرِيحُ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ،

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي سُمِّ النَّبِيِّ ) الْإِضَافَةُ فِيهِ إِلَى الْمَفْعُولِ.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا عَلَّقَهُ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ آخِرَ الْمَغَازِي، فَقَالَ: قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ النَّبِيُّ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هُنَاكَ مَنْ وَصَلَهُ وَهُوَ الْبَزَّارُ وَغَيْرُهُ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى، وَقَوْلُهُ: أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ، أَيِ الْأَلَمَ النَّاشِئَ عَنْ ذَلِكَ الْأَكْلِ، لَا أَنَّ الطَّعَامَ نَفْسَهُ بَقِيَ إِلَى تِلْكَ الْغَايَةِ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ مُبَشِّرٍ نَحْوَ حَدِيثِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ الَّتِي أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ بِخَيْبَرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ، وَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مُخْتَصَرًا وَفِي أَوَاخِرِ الْجِزْيَةِ مُطَوَّلًا.

قَوْلُهُ: (أُهْدِيَتْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، تَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا الْحَدِيثَ، فَعُرِفَ أَنَّ الَّتِي أَهْدَتِ الشَّاةَ الْمَذْكُورَةَ امْرَأَةٌ، وَقَدَّمْتُ فِي الْمَغَازِي أَنَّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ امْرَأَةُ سَلَامِ بْنِ مِشْكَمٍ، أَخْرَجَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ. وَأَوْرَدَهُ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهَا أَكْثَرَتِ السُّمَّ فِي الْكَتِفِ وَالذِّرَاعِ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَحَبَّ أَعْضَاءِ الشَّاةِ إِلَيْهِ، وَفِيهِ: فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ الْكَتِفَ فَنَهَشَ مِنْهَا، وَفِيهِ: فَلَمَّا ازْدَرَدَ لَقُمْتَهُ قَالَ: إِنَّ الشَّاةَ تُخْبِرُنِي، يَعْنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ الِاخْتِلَافَ هَلْ قَتَلَهَا النَّبِيُّ أَوْ تَرَكَهَا. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ: فَقِيلَ: أَلَا تَقْتُلُهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: لَا. فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ وَتَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ. وَمِنَ الْمُسْتَغْرَبِ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَتَلَهَا.

قَوْلُهُ: (اجْمَعُوا لِي) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ الْمَأْمُورِ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقُونِي عَنْهُ)؟ كَذَا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: صَادِقِيِّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ بِغَيْرِ نُونٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ فِي الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ: صَادِقُونِي، فَحُذِفَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ، فَاجْتَمَعَ حَرْفَا عِلَّةٍ سَبَقَ الْأَوَّلُ بِالسُّكُونِ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ، وَمِثْلُهُ: ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾ وَفِي حَدِيثِ بَدْءِ الْوَحْيِ: أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمُ؟ انْتَهَى. وَإِنْكَارُهُ الرِّوَايَةَ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، فَقَدْ وَجَّهَهَا غَيْرُهُ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: مُقْتَضَى الدَّلِيلِ أَنْ تَصْحَبَ نُونُ الْوِقَايَةِ اسْمَ الْفَاعِلِ وَأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ وَالْأَسْمَاءَ الْمُعْرَبَةَ الْمُضَافَةَ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ لِتَقِيَهَا خَفَاءَ الْإِعْرَابِ، فَلَمَّا مَنَعَتْ ذَلِكَ كَانَتْ كَأَصْلٍ مَتْرُوكٍ، فَنَبَّهُوا عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَسْمَاءِ الْمُعْرَبَةِ الْمُشَابِهَةِ لِلْفِعْلِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

وَلَيْسَ الْمُوَافِينِي لِيَرْتَدَّ خَائِبًا … فَإِنَّ لَهُ أَضْعَافَ مَا كَانَ أَمَّلَا