للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥٧٨٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ مَوْلَى بَنِي تَميمٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى بَنِي زُرَيْقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي إحدى جَنَاحَيْهِ داء وَفِي الْآخَرِ شفاء.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي الْإِنَاءِ) الذُّبَابُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ وَتَخْفِيفٍ، قَالَ أَبُو هِلَالٍ الْعَسْكَرِيُّ: الذُّبَابُ وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ ذِبَّانٌ كِغِرْبَانٌ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ ذُبَابٌ لِلْجَمْعِ وَلِلْوَاحِدِ ذُبَابَةٌ بِوَزْنِ قُرَادَةٍ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ إِنَّهُ خَطَأٌ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الذُّبَابُ وَاحِدَه ذُبَابَةٍ وَلَا تَقُلْ ذِبَّانَةٌ، وَنُقِلَ فِي الْمُحْكَمِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ خَلَفٍ الْأَحْمَرِ تَجْوِيزُ مَا زَعَمَ الْعَسْكَرِيُّ أَنَّهُ خَطَأٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فِي الْجَمْعِ ذُبٌّ. وَقَرَأْتُهُ بِخَطِّ الْبُحْتُرِيِّ مَضْبُوطًا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالتَّشْدِيدِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ) هُوَ مَدَنِيٌّ، وَأَبُوهُ يُكَنَّى أَبَا عُتْبَةَ، وَمَا لِعُتْبَةَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ) مَضَى فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونَيْنِ مُصَغَّر وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (مَوْلَى بَنِي زُرَيْقٍ) بِزَايٍ ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ قَافٍ مُصَغَّر، وَحَكَى الْكَلَابَاذِيُّ أَنَّهُ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ; وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ مَوْلَى الْعَبَّاسِ، وَهُوَ خَطَأٌ كَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَا لِعُبَيْدٍ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، أورده في موضعين.

قَوْلُهُ: (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ) قِيلَ سُمِّيَ ذُبَابًا لِكَثْرَةِ حَرَكَتِهِ وَاضْطِرَابِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا عُمْرُ الذُّبَابِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً، وَالذُّبَابُ كُلُّهُ فِي النَّارِ إِلَّا النَّحْلَ وَسَنَدُهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ دُونَ أَوَّلِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ، قَالَ الْجَاحِظُ: كَوْنُهُ فِي النَّارِ لَيْسَ تَعْذِيبًا لَهُ، بَلْ لِيُعَذَّبَ أَهْلُ النَّارِ بِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الطُّيُورِ يَلَغُ إِلَّا الذُّبَابُ. وَقَالَ أَفْلَاطُونُ: الذُّبَابُ أَحْرَصُ الْأَشْيَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ يُلْقِي نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِ هَلَاكُهُ. وَيَتَوَلَّدُ مِنَ الْعُفُونَةِ. وَلَا جَفْنَ لِلذُّبَابَةِ لِصِغَرِ حَدَقَتِهَا، وَالْجَفْنُ يَصْقُلُ الْحَدَقَةَ، فَالذُّبَابَةُ تَصْقُلُ بِيَدَيْهَا فَلَا تَزَالُ تَمْسَحُ عَيْنَيْهَا. وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّ رَجِيعَهُ يَقَعُ عَلَى الثَّوْبِ الْأَسْوَدِ أَبْيَضَ وَبِالْعَكْسِ. وَأَكْثَرُ مَا يَظْهَرُ فِي أَمَاكِنِ الْعُفُونَةِ، وَمَبْدَأُ خَلْقِهِ مِنْهَا ثُمَّ مِنَ التَّوَالُدِ. وَهُوَ مِنْ أَكْثَرِ الطُّيُورِ سِفَادًا، رُبَّمَا بَقِيَ عَامَّةَ الْيَوْمِ عَلَى الْأُنْثَى. وَيُحْكَى أَنَّ بَعْضَ الْخُلَفَاءِ سَأَلَ الشَّافِعِيَّ: لِأَيِّ عِلَّةٍ خُلِقَ الذُّبَابُ؟ فَقَالَ: مَذَلَّةً لِلْمُلُوكِ. وَكَانَتْ أَلَحَّتْ عَلَيْهِ ذُبَابَةٌ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: سَأَلَنِي وَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ فَاسْتَنْبَطْتُهُ مِنَ الْهَيْئَةِ الْحَاصِلَةِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَالِقِيُّ: ذُبَابُ النَّاسِ يَتَوَلَّدُ مِنَ الزِّبْلِ. وَإِنْ أُخِذَ الذُّبَابُ الْكَبِيرُ فَقُطِعَتْ رَأْسُهَا وَحُكَّ بِجَسَدِهَا الشَّعْرَةِ الَّتِي فِي الْجَفْنِ حَكًّا شَدِيدًا أَبْرَأَتْهُ وَكَذَا دَاءُ الثَّعْلَبِ. وَإِنْ مُسِحَ لَسْعَةُ الزُّنْبُورِ بِالذُّبَابِ سَكَنَ الْوَجَعُ.

قَوْلُهُ: (فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ) تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِلَفْظِ شَرَابٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ إِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْإِنَاءِ أَشْمَلُ، وَكَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ.

قَوْلُهُ: (فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ) أَمْرُ إِرْشَادٍ لِمُقَابَلَةِ الدَّاءِ بِالدَّوَاءِ. وَفِي قَوْلِهِ: كُلُّهُ رَفْعُ تَوَهُّمِ الْمَجَازِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِغَمْسِ بَعْضِهِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ) فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ثُمَّ لْيَنْزِعْهُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَمِّهِ ثُمَامَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ، فَوَقَعَ ذُبَابٌ فِي إِنَاءٍ فَقَالَ أَنَسٌ بِإِصْبَعِهِ فَغَمَسَهُ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثُمَامَةَ فَقَالَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَجَّحَهَا أَبُو حَاتِمٍ، وَأَمَّا