(تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ) فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ فَأَعْجَبَتْهُ جُمَّتُهُ وَبُرْدَاهُ وَمِثْلُهُ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ هَكَذَا هُنَا، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِزِيَادَةِ مِنَ الْخُيَلَاءِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْإِزَارِ لَا يَدْفَعُ وُجُودَ الرِّدَاءِ، وَإِنَّمَا خُصَّ الْإِزَارُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ بِهِ الْخُيَلَاءُ غَالِبًا. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَأَنَسٍ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى خَرَجَ فِي بُرْدَيْنِ يَخْتَالُ فِيهِمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ هُوَ مُلَاحَظَتُهُ لَهَا بِعَيْنِ الْكَمَالِ مَعَ نِسْيَانِ نِعْمَةِ اللَّهِ، فَإِنِ احْتَقَرَ غَيْرَهُ مَعَ ذَلِكَ فَهُوَ الْكِبْرُ الْمَذْمُومُ.
قَوْلُهُ: (مُرَجِّلٌ) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ (جُمَّتَهُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ هِيَ مُجْتَمَعُ الشَّعْرِ إِذَا تَدَلَّى مِنَ الرَّأْسِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَإِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَتَجَاوَزُ الْأُذُنَيْنِ فَهُوَ الْوَفْرَةُ، وَتَرْجِيلُ الشَّعْرِ تَسْرِيحُهُ وَدَهْنُهُ.
قَوْلُهُ: (إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ) فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فِي سُرْعَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ بِهِ.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَفِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ حَتَّى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالتَّجَلْجُلُ بِجِيمَيْنِ التَّحَرُّكُ، وَقِيلَ: الْجَلْجَلَةُ الْحَرَكَةُ مَعَ صَوْتٍ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: كُلُّ شَيْءٍ خَلَطْتَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَقَدْ جَلْجَلْتَهُ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: التَّجَلْجُلُ أَنْ يَسُوخَ فِي الْأَرْضِ مَعَ اضْطِرَابٍ شَدِيدٍ وَيَنْدَفِعُ مِنْ شِقٍّ إِلَى شِقٍّ، فَالْمَعْنَى يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ أَيْ يَنْزِلُ فِيهَا مُضْطَرِبًا مُتَدَافِعًا. وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّهُ رُوِيَ يَتَجَلَّلُ بِجِيمٍ وَاحِدَةٍ وَلَامٍ ثَقِيلَةٍ وَهُوَ بِمَعْنَى يَتَغَطَّى، أَيْ تُغَطِّيهِ الْأَرْضُ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَيْضًا يَتَخَلْخَلُ بِخَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَاسْتَبْعَدَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ خَلْخَلْتُ الْعَظْمَ إِذَا أَخَذْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ، وَجَاءَ فِي غَيْرِ الصَّحِيحَيْنِ يَتَحَلْحَلُ بِحَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ. قُلْتُ: وَالْكُلُّ تَصْحِيفٌ إِلَّا الْأَوَّلَ، وَمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَأْكُلُ جَسَدَ هَذَا الرَّجُلِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُلْغَزَ بِهِ فَيُقَالُ: كَافِرٌ لَا يَبْلَى جَسَدُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَرْفَعْهُ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ) وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْيَمَانِ عَنْهُ بِتَمَامِهِ وَلَفْظُهُ جَرَّ إِزَارَهُ مُسْبِلًا مِنَ الْخُيَلَاءِ.
الحديث الثالث: قَوْلُهُ: (وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي) هُوَ جَرِيرُ بْنُ أَبِي حَازِمِ بْنِ زَيْدٍ الْأَزْدِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ) هُوَ أَبُو سَلَمَةَ الْبَصْرِيُّ قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَلَيْسَ لِجَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ خَالَفَ فِيهِ الزُّهْرِيُّ فَقَالَ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالزُّهْرِيِّ يَقُولُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ لَكِنْ قَوِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعًا لِشِدَّةِ إِتْقَانِ الزُّهْرِيِّ وَمَعْرِفَتِهِ بِحَدِيثِ سَالِمٍ وَلِقَوْلِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ فِي رِوَايَتِهِ كُنْتُ مَعَ سَالِمٍ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَإِنَّهَا قَرِينَةٌ فِي أَنَّهُ حَفِظَ ذَلِكَ عَنْهُ. وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ فَمَرَّ بِهِ شَابٌّ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّ إِزَارَهُ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يُقَوِّيِ أَنَّ جَرِيرَ بْنَ زَيْدٍ ضَبَطَهُ، لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ رَوَاهَا أَبُو رَافِعٍ عَنْهُ كَمَا قَدَّمْتُ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهَا كَذَلِكَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الزِّينَةِ مِنْ السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ بِهَذَا السَّنَدِ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَوْرَدَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ وَهْمٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمِزِّيُّ، وَكَأَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَتِهِ تَصْحِيفُ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَصَارَتْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ نَحْوَهُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ الْمَذْكُورَةِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute