أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: السِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ جَعْلَهُ فِي بَطْنِ الْكَفِّ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ جَعْلَهُ فِي ظَاهِرِ الْكَفِّ كَمَا سَأَذْكُرُهُ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ) هُوَ ابْنُ أَسْمَاءَ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَجَعَلَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْمُسْتَمْلِي، وَالسَّرَخْسِيِّ وَيَجْعَلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي بَابِ خَاتَمِ الْفِضَّةِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ جُوَيْرِيَةُ: وَلَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَالَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ ; قَالَ أَبُو ذَرٍّ فِي رِوَايَتِهِ: لَمْ يَقَعْ فِي الْبُخَارِيِّ مَوْضِعُ الْخَاتَمِ مِنْ أَيِّ الْيَدَيْنِ إِلَّا فِي هَذَا. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَمْ يَجْزِمْ بِهِ جُوَيْرِيَةُ، وَتَوَاطُؤُ الرِّوَايَاتِ عَلَى خِلَافِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْهُ، وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَى لُبْسِ الْخَاتَمِ فِي الْيَسَارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَحْفُوظُ. قُلْتُ: وَكَلَامُهُ مُتَعَقَّبٌ فَإِنَّ الظَّنَّ فِيهِ مِنْ مُوسَى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ كِلَاهُمَا عَنْ جُوَيْرِيَةَ وَجَزَمَا بِأَنَّهُ لَبِسَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى، وَهَكَذَا أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِيهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ صَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَتَخَتَّمَ بِهِ فِي يَمِينِهِ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ اتَّخَذْتُ هَذَا الْخَاتَمَ فِي يَمِينِي، ثُمَّ نَبَذَهُ الْحَدِيثَ وَهَذَا صَرِيحٌ مِنْ لَفْظِهِ ﷺ رَافِعٌ لِلَّبْسِ.
وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي روادٍ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ فَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ بَعْدَهُ: وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ فِي يَمِينِهِ انْتَهَى. وَرِوَايَةُ ابْنِ إِسْحَاقَ قَدْ أَخْرَجَهَا أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ طَرِيقِهِ، وَكَذَا رِوَايَةُ أُسَامَةَ، وَأَخْرَجَهَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَيْضًا، فَظَهَرَ أَنَّ رِوَايَةَ الْيَسَارِ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ شَاذَّةٌ، وَمَنْ رَوَاهَا أَيْضًا أَقَلُّ عَدَدًا وَأَلْيَنُ مِمَّنْ رَوَى الْيَمِينَ، وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ، فَرَجَحَتْ رِوَايَةُ الْيَمِينِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا.
وَقَدْ وَرَدَ التَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ أَيْضًا فِي أَحَادِيثَ أُخْرَى: مِنْهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَبِسَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ فَصُّهُ حَبَشِيٌّ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الصَّلْتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَاتَمًا فِي خِنْصَرِهِ الْيَمِينِ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ هَكَذَا وَجَعَلَ فَصَّهُ عَلَى ظَهْرِهَا، وَلَا إِخَالُ ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَّا ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَوْرَدَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُخْتَصَرًا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ وَلَا إِخَالُهُ إِلَّا قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ وَفِي سَنَدِهِ لِينٌ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي رَافِعٍ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ وَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ ثُمَّ نُقِلَ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَصَحُّ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ فِي الشَّمَائِلِ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ، وَعَائِشَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ، وَعِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَعَنِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ بِسَنَدٍ سَاقِطٍ. وَوَرَدَ التَّخَتُّمُ فِي الْيَسَارِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا أَخْرَجَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute