ﷺ فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَا يَخْضِبُ، لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتِهِ فِي لِحْيَتِهِ.
٥٨٩٦ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ، وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلَاثَ أَصَابِعَ مِنْ قُصَّةٍ فِيهِا شَعَرٌ مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَ إِذَا أَصَابَ الْإِنْسَانَ عَيْنٌ أَوْ شَيْءٌ بَعَثَ إِلَيْهَا مِخْضَبَهُ، فَاطَّلَعْتُ فِي الْجُلْجُلِ فَرَأَيْتُ شَعَرَاتٍ حُمْرًا.
[الحديث ٥٨٩٦ - طرفاه في: ٥٨٩٧، ٥٨٩٨]
٥٨٩٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سَلَامٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا شَعَراً مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ ﷺ مَخْضُوباً".
٥٨٩٨ - وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا نُصَيْرُ بْنُ أَبِي الأَشْعَثِ عَنْ ابْنِ مَوْهَبٍ "أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَرَتْهُ شَعَرَ النَّبِيِّ ﷺ أَحْمَرَ".
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الشَّيْبِ) أَيْ هَلْ يُخَضَّبُ أَوْ يُتْرَكُ؟
قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ) هُوَ مُحَمَّدٌ بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، عَنْ مُعَلَّى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (سَأَلْتُ أَنَسًا: أَخْضَبَ النَّبِيُّ ﷺ)؟ يُعْرَفُ مِنْهُ أَنَّهُ الْمُبْهَمُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا حَيْثُ قَالَ ثَابِتٌ سُئِلَ أَنَسٌ كَذَا قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا قَلِيلًا يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَبْلُغْ مَا يُخَضِّبُ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الشَّعْرِ الْأَبْيَضِ إِذَا بَدَأَ فِي اللِّحْيَةِ لَمْ يُبَادِرْ إِلَى خَضْبِهِ حَتَّى يَكْثُرَ، وَمَرْجِعُ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِي ذَلِكَ إِلَى الْعُرْفِ، وَزَادَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ بَعْدَهُ خَضَّبَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، قَالَ: وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَحْمِلُهُ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَسْلَمَ، وَلِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي بَابِ الْخِضَابِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوُ حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ وَزَادَ وَلَمْ يُخَضِّبْ وَلَكِنْ خَضَّبَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ.
قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ (لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتِهِ فِي لِحْيَتِهِ) الْمُرَادُ بِالشَّمَطَاتِ الشَّعَرَاتِ اللَّاتِي ظَهَرَ فِيهِنَّ الْبَيَاضُ، فَكَأَنَّ الشَّعْرَةَ الْبَيْضَاءَ مَعَ مَا يُجَاوِرُهَا مِنْ شَعْرَةٍ سَوْدَاءَ ثَوْبٌ أَشْمَطُ، وَالْأَشْمَطُ الَّذِي يُخَالِطُهُ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ، وَجَوَابُ لَوْ فِي قَوْلِهِ لَوْ شِئْتُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ لَعَدَدْتُهَا، وَذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى قِلَّتِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ صِفَةِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْمَنَاقِبِ بَيَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) هُوَ ابْنُ غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَإِسْرَائِيلُ هُوَ ابْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ هُوَ التَّيْمِيُّ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ سَبَقَ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ) يَعْنِي زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَهْلِهِ، وَلَكِنَّهُمْ مِنْ آلِ طَلْحَةَ لِأَنَّهُمْ مَوَالِيهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِأَهْلِهِ امْرَأَتَهُ.
قَوْلُهُ: (بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ، وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلَاثَ أَصَابِعَ مِنْ قُصَّةٍ فِيهَا) وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِيهِ شَعْرٌ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ ﷺ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِه قُصَّةٍ هُوَ بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ صَادٍ مُهْمَلَةٍ أَوْ بِفَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ ضَادٍ مُعْجَمَةٍ؟ فَأَمَّا قَوْلُهُ وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلَاثَ أَصَابِعَ فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى صِغَرِ الْقَدَحِ، وَزَعَمَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ