الْوَاصِلَةَ) أَيِ الَّتِي تَصِلُ الشَّعْرَ سَوَاءٌ كَانَ لِنَفْسِهَا أَمْ لِغَيْرِهَا (وَالْمُسْتَوْصِلَةُ) أَيِ الَّتِي تَطْلُبُ فِعْلَ ذَلِكَ وَيُفْعَلُ بِهَا، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي حِكَايَةِ ذَلِكَ عَنِ اللَّهِ - تَعَالَى - إِنْ كَانَ خَبَرًا فَيُسْتَغْنَى عَنِ اسْتِنْبَاطِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً مِنَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى مَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ.
تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ عَائِشَةَ قَوْلُهُ: (الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقَ) بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَآخِرُهُ قَافٌ كَأَنَّهُ اسْمٌ عَجَمِيٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمَ فَعَّالٍ مِنَ الْأَنِيقِ وَهُوَ الشَّيْءُ الْحَسَنُ الْمُعْجِبُ فَسُهِّلَتْ هَمْزَتُهُ يَاءً، وَالْحَسَنُ الْمَذْكُورُ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ وَكَانَ كَثِيرَ الرِّوَايَةِ عَنْ طَاوُسٍ وَمَاتَ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الْأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ) تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِتَسْمِيَتِهَا وَتَسْمِيَةِ الزَّوْجِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.
قَوْلُهُ: (فَتَمَعَّطَ) بِالْعَيْنِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ خَرَجَ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَصْلُ الْمَعْطِ الْمَدُّ كَأَنَّهُ مُدَّ إِلَى أَنْ تَقَطَّعَ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَنْ سَقَطَ شَعْرُهُ.
قَوْلُهُ: (فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا) أَيْ يَصِلُوا شَعْرَهَا، وَقَوْلُهُ: فَسَأَلُوا تَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّ السَّائِلَ أُمُّهَا، وَهُوَ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي يَلِي: هَذَا.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ) هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ، وَهَذِهِ الْمُتَابَعَةُ رَوَيْنَاهَا مَوْصُولَةً فِي أَمَالِي الْمَحَامِلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصْبَهَانِيِّينَ عَنْهُ، ثُمَّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ فَذَكَرَهُ وَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فِي جَمِيعِ السَّنَدِ وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ - وَهِيَ عِنْدَهَا - عَنْ وَصْلِ الْمَرْأَةِ رَأْسهَا بِالشَّعْرِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ فَتَمْرُقُ بِالرَّاءِ وَالْقَافِ، وَقَالَ فِيهِ أَفَأَضَعُ عَلَى رَأْسِهَا شَيْئًا وَالْبَاقِي مِثْلَهُ. وَفَائِدَةُ هَذِهِ الْمُتَابَعَةِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ جَمِيعًا، وَلِأَبَانَ بْنِ صَالِحٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ دُونَ الْقِصَّةِ وَزَادَ فِيهِ النَّامِصَةَ وَالْمُتَنَمِّصَةَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَالْمُسْتَوْشِمَةُ مِنْ غَيْرِ دَاءٍ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ صَنَعَتِ الْوَشْمَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُ بَلْ تَدَاوَتْ مَثَلًا فَنَشَأَ عَنْهُ الْوَشْمُ أَنْ لَا تَدْخُلَ فِي الزَّجْرِ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ذَكَرَهُ طَرِيقَيْنِ:
الْأُولَى قَوْلُهُ: (مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هُوَ الْحَجَبِيُّ وَأُمُّهُ هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ، وَفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ رَاوِية عَنْ مَنْصُورٍ وَإِنْ كَانَ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ، لَكِنْ قَدْ تَابَعَهُ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَاءُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ.
قَوْلُهُ: (فَتَمَزَّقَ) بِالزَّايِ أَيْ تَقَطَّعَ، كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ، وَالْحَمَوِيِّ وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ، وَبِالرَّاءِ لِلْبَاقِينَ أَيْ مُرِقَ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ أَبْلَغُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَرْقِ وَهُوَ نَتْفُ الصُّوفِ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ فَأَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ أَوِ الْجُدَرِيُّ فَسَقَطَ شَعْرُهَا، وَقَدْ صَحَّتْ وَزَوْجُهَا يَسْتَحِثُّنَا وَلَيْسَ عَلَى رَأْسِهَا شَعْرٌ، أَفَنَجْعَلُ عَلَى رَأْسِهَا شَيْئًا نُجَمِّلُهَا بِهِ؟ الْحَدِيثَ.
وَقَوْلُهُ: أَفَأَصِلُ رَأْسَهَا؟ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ شَعْرُهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى.
قَوْلُهُ: (فَسَبَّ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ لَعَنَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى.
الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ:
قَوْلُهُ: (عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ) هِيَ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، هِيَ بِنْتُ عَمِّ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ الرَّاوِي عَنْهَا، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ هِيَ جَدَّتُهُمَا مَعًا لِأَنَّهَا أُمُّ الْمُنْذِرِ وَأُمُّ عُرْوَةَ، وَهَذِهِ الطَّرِيقُ تُؤَكِّدُ رِوَايَةَ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ، وَأَنَّ لِلْحَدِيثِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَصْلًا وَلَوْ كَانَ مُخْتَصَرًا.
قَوْلُهُ: (الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ) هَذَا الْقَدْرُ الَّذِي وَجَدْتُهُ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ فَكَأَنَّهَا مَا سَمِعَتِ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَرَأَستُ يَدَ أَسْمَاءَ مَوْشُومَةً قَالَ الطَّبَرِيُّ: كَأَنَّهَا كَانَتْ صَنَعَتْهُ قَبْلَ النَّهْيِ فَاسْتَمَرَّ فِي يَدِهَا، قَالَ: