للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِلْقَائِلِ مَعَرَّةُ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَإِثْمُهُ، كَذَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي رَجَعَ، وَهُوَ مِنْ أَعْدَلِ الْأَجْوِبَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ رَفَعَهُ أن الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ فَتَأْخُذُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فَإِنْ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ وَآخَرُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَلَكِنَّهُ أُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ.

الحديث الثالث: حَدِيثُ أَنَسٍ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ حُسْنِ الْخُلُقِ.

الحديث الخامس: حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا دَالٌ مُهْمَلَاتٌ، وَهُوَ ابْنُ الْجَوْنِ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ الْخُزَاعِيُّ، صَحَابِيٌّ شَهِيرٌ يُقَالُ: كَانَ اسْمُهُ يَسَارٌ بِتَحْتَانِيَّةٍ وَمُهْمَلَةٍ، فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ ، وَيُكَنَّى أَبَا الْمُطَرِّفِ، وَقُتِلَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَلَهُ ثَلَاثٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً.

قَوْلُهُ: (اسْتَبَّ رَجُلَانِ) لَمْ أَعْرِفْ أَسْمَاءَهُمَا وَوَقَعَ فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا السَّنَدِ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى انْتَفَخَ وَجْهُهُ) فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فَاحْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْوَدَجِ فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ، وَفِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ: حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّ أَنْفَهُ لَيَتَمَزَّعُ مِنَ الْغَضَبِ.

قَوْلُهُ: (إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ) فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ: لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الرَّجِيمِ، وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ وَلَفْظُهُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ يَقُولُهَا هَذَا الْغَضْبَانُ لَذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبَ: اللَّهُمَّ إِنَى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

قَوْلُهُ: (فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: فَقَامَ إِلَى الرَّجُلِ رَجُلٌ مِمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَقَالُوا لَهُ، فَدَلَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى أَنَّ الَّذِي خَاطَبَهُ مِنْهُمْ وَاحِدٌ وَهُوَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ كَمَا بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ وَلَفْظُهُ: قَالَ: فَجَعَلَ مُعَاذُ يَأْمُرُهُ، فَأَبَى وَضَحِكَ وَجَعَلَ يَزْدَادُ غَضَبًا، قَوْلُهُ: (وَقَالَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ) فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ: أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: تَعَوَّذْ بِاللَّهِ، وَهُوَ بِالْمَعْنَى، فَإِنَّهُ أَرْشَدَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَأْمُرُوهُ بِذَلِكَ، لَكِنِ اسْتَفَادُوا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ عُمُومِ الْأَمْرِ بِالنَّصِيحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ.

قَوْلُهُ: (أَتُرَى بِي بَأْسٌ؟) بِضَمِّ التَّاءِ أَيْ أَتَظُنُّ، وَوَقَعَ بَأْسٌ هُنَا بِالرَّفْعِ لِلْأَكْثَرِ، وَفِي بَعْضِهَا بَأْسًا بِالنَّصْبِ وَهُوَ أَوْجَهُ.

قَوْلُهُ: (أَمَجْنُونٌ أَنَا) فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ: وَهَلْ بِي مِنْ جُنُونٍ؟

قَوْلُهُ: (اذْهَبْ) هُوَ خِطَابٌ مِنَ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ الَّذِي أَمَرَهُ بِالتَّعَوُّذِ أَيِ امْضِ فِي شُغْلِكَ. وَأَخْلَقُ بِهَذَا الْمَأْمُورِ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا، أَوْ كَانَ غَلَبَ عَلَيْهِ الْغَضَبُ حَتَّى أَخْرَجَهُ عَنِ الِاعْتِدَالِ بِحَيْثُ زَجَرَ النَّاصِحَ الَّذِي دَلَّهُ عَلَى مَا يُزِيلُ عَنْهُ مَا كَانَ بِهِ مِنْ وَهَجِ الْغَضَبِ بِهَذَا الْجَوَابِ السَّيِّئِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ، وَظَنَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَعِيذُ مِنَ الشَّيْطَانَ إِلَّا مَنْ بِهِ جُنُونٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْغَضَبَ نَوْعٌ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلِهَذَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ صُورَتِهِ وَيُزَيِّنُ إِفْسَادَ مَا لَهُ كَتَقْطِيعِ ثَوْبِهِ وَكَسْرِ آنِيَّتِهِ أَوِ الْإِقْدَامِ عَلَى مَنْ أَغْضَبَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ مِمَّا يَتَعَاطَاهُ مَنْ يَخْرُجُ عَنِ الِاعْتِدَالِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ: رَفَعَهُ إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ. . الْحَدِيثَ.

الحديث السادس: عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي ذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الصِّيَامِ مَشْرُوحًا، وَأَوْرَدَهُ هُنَا لِقَوْلِهِ فِيهِ: فَتَلَاحَى أَيْ تَنَازَعَ، وَالتَّلَاحِي بِالْمُهْمَلَةِ أَيِ التَّجَادُلُ وَالتَّنَازُعُ، وَهُوَ يُفْضِي فِي الْغَالِبِ إِلَى الْمُسَابَبَةِ،