٦١٣١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ، فَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ، أَوْ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْكَلَامَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ مَا قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ فِي الْقَوْلِ، فَقَالَ: أَيْ عَائِشَةُ: إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ.
٦١٣٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ فَقَسَمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِداً لِمَخْرَمَةَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: "قَدْ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ" قَالَ أَيُّوبُ بِثَوْبِهِ وَأَنَّهُ يُرِيهِ إِيَّاهُ وَكَانَ فِي خُلُقِهِ شَيْءٌ". رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَقْبِيَةٌ".
قَوْلُهُ: (بَابُ الْمُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ) هُوَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَأَصْلُهُ الْهَمْزُ لِأَنَّهُ مِنَ الْمُدَافَعَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الدَّفْعُ بِرِفْقٍ. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى مَا وَرَدَ فِيهِ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى إِيرَادِ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، فَمِمَّا وَرَدَ فِيهِ صَرِيحًا حديث لِجَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ، أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِي سَنَدِهِ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ضَعَّفُوهُ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي آدَابِ الْحُكَمَاءِ بِسَنَدٍ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: إِنَّا لَنَكْشِرُ) بِالْكَافِ السَّاكِنَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ.
قَوْلُهُ: (فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ السَّاكِنَةِ وَالنُّونِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْقَافِ السَّاكِنَةِ قِبلَ اللَّامُ الْمَكْسُورَةُ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ مِنَ الْقِلَا بِكَسْرِ الْقَافِ مَقْصُورٌ وَهُوَ الْبُغْضُ، وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ جَزَمَ ابْنُ التِّينِ، وَمِثْلُهُ فِي تَفْسِيرِ الْمُزَّمِّلِ مِنَ الْكَشَّافِ. وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَالدِّينَوَرِيُّ فِي الْمُجَالَسَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، وَزَادَ وَنَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَذَكَرَهُ بِلَفْظِ اللَّعْنِ وَلَمْ يَذْكُرِ الدِّينَوَرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ، وَرَوَيْنَاهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِي مِنْ طَرِيقِ كَامِلٍ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: إِنَّا لَنَكْشِرُ أَقْوَامًا فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَذَكَرَ اللَّفْظَ الْمُعَلَّقَ سَوَاءً، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا وَالْكَشْرُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ أَوَّلِهِ ظُهُورُ الْأَسْنَانِ، وَأَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ عِنْدَ الضَّحِكِ، وَالِاسْمُ الْكِشْرَةُ كَالْعِشْرَةِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْمُدَارَاةُ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ خَفْضُ الْجَنَاحِ لِلنَّاسِ، وَلِينُ الْكَلِمَةِ، وَتَرْكُ الْإِغْلَاظِ لَهُمْ فِي الْقَوْلِ، وَذَلِكَ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الْأُلْفَةِ.
وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُدَارَاةَ هِيَ الْمُدَاهَنَةُ فَغَلَطَ ; لِأَنَّ الْمُدَارَةَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا وَالْمُدَاهَنَةُ مُحَرَّمَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُدَاهَنَةَ مِنَ الدِّهَانِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ عَلَى الشَّيْءِ وَيُسْتَرُ بَاطِنُهُ، وَفَسَّرَهَا الْعُلَمَاءُ بِأَنَّها مُعَاشَرَةُ الْفَاسِقِ وَإِظْهَارُ الرِّضَا بِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ عَلَيْهِ، وَالْمُدَارَاةُ هِيَ الرِّفْقُ بِالْجَاهِلِ فِي التَّعْلِيمِ، وَبِالْفَاسِقِ فِي النَّهْيِ عَنْ فِعْلِهِ، وَتَرْكُ الْإِغْلَاظِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا يَظْهَرُ مَا هُوَ فِيهِ، وَالْإِنْكَارُ عَلَيْهِ بِلُطْفِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute