للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَكَانَ النَّبِيُّ يُحَذِّرُهُمْ شِدَّةِ الْهِجْرَةِ وَمُفَارَقَةِ الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِهِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ لِلْأَكْثَرِ أَيْ مِنْ وَرَاءِ الْقُرَى، وَالْقَرْيَةُ يُقَالُ لَهَا الْبَحْرَةُ لِاتِّسَاعِهَا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ جِيمٍ وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَقَوْلُهُ أَنْ يَتْرَكَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ مِنَ التَّرْكِ وَالْكَافُ أَصْلِيَّةٌ، وَبِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ وَنَصْبِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْكَافِ أَيْ لَنْ يُنْقِصَكَ.

الحديث الثامن: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: وَيْلُكُمْ أَوْ وَيْحُكُمْ قَالَ شُعْبَةُ: شَكَّ هُوَ) يَعْنِي شَيْخَهُ وَاقِدَ بْنَ مُحَمَّدٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّضْرُ) هُوَ ابْنُ شُمَيْلٍ (عَنْ شُعْبَةَ) يَعْنِي بِهَذَا السَّنَدِ (وَيْحَكُمْ) يَعْنِي لَمْ يَشُكَّ. وقَوْلُهُ: (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ) هُوَ أَخُو وَاقِدٍ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ جَدِّهِ ابْنِ عُمَرَ (وَيْلُكُمْ أَوْ وَيْحُكُمْ) يَعْنِي مِثْلَ مَا قَالَ أَخُوهُ وَاقِدٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الشَّكَّ فِيهِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَوْ مِمَّنْ فَوْقَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ طَرِيقُ عُمَرَ هَذِهِ مَوْصُولَةً فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ، وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مُطَوَّلًا فِي بَابِ قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ﴾ وَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.

الحديث التاسع:

قَوْلُهُ: (هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ) صَرَّحَ شُعْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ قَتَادَةَ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْ أَنَسٍ، وَيَأْتِي بَيَانُهُ عَقِبَ هَذَا.

قَوْلُهُ: (إنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ) فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ إنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَهُ نَحْوُهُ ; وَفِي رِوَايَةِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْآتِيَةِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ عَنْ أَنَسٍ بَيْنَمَا أَنَا وَالنَّبِيُّ خَارِجِينَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ أَنَّهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ الْيَمَانِيِّ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنَّ حَدِيثَهُ بِذَلِكَ مُخَرَّجٌ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَبُو مُوسَى أَوْ أَبُو ذَرٍّ فَقَدْ وَهِمَ فَإِنَّهُمَا وَإِنِ اشْتَرَكَا فِي مَعْنَى الْجَوَابِ وَهُوَ أَنَّ الْمَرْءَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ، فَقَدِ اخْتَلَفَ سُؤَالُهُمَا، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي ذَرٍّ إِنَّمَا سَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ، وَهَذَا سَأَلَ مَتَى السَّاعَةُ؟

قَوْلُهُ: (مَتَى السَّاعَةُ قَائِمَةٌ) يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ. وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ وَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ.

قَوْلُهُ: (وَيْلَكَ، مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا) زَادَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ كَثِيرِ عَمَلٍ أَحْمَدُ عَلَيْهِ نَفْسِي وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَلَمْ يَذْكُرْ كَثِيرًا وَفِي رِوَايَةِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْمَذْكُورَةِ فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ مِنْ كَبِيرِ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ وَلَا صَدَقَةٍ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا وَأَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا.

قَوْلُهُ: (إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) أَيْ مُلْحَقٌ بِهِمْ حَتَّى تَكُونَ مِنْ زُمْرَتِهِمْ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ إِيرَادُ أَنَّ مَنَازِلَهُمْ مُتَفَاوِتَةٌ فَكَيْفَ تَصِحُّ الْمَعِيَّةُ! فَيُقَالُ: إِنَّ الْمَعِيَّةَ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الِاجْتِمَاعِ فِي شَيْءٍ مَا، وَلَا تَلْزَمُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، فَإِذَا اتُّفَقَ أَنَّ الْجَمِيعَ دَخَلُوا الْجَنَّةَ صَدَقَتِ الْمَعِيَّةُ، وَإِنْ تَفَاوَتَتِ الدَّرَجَاتُ، وَيَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (فَقُلْنَا: وَنَحْنُ كَذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ) هَذَا يُؤَيِّدُ مَا بَيَّنْتُ بِهِ الْمَعِيَّةَ ; لِأَنَّ دَرَجَاتِ الصَّحَابَةِ مُتَفَاوِتَةٌ.

قَوْلُهُ: (فَفَرِحْنَا يَوْمَئِذٍ فَرَحًا شَدِيدًا) فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ فَلَمْ أَرَ الْمُسْلِمِينَ فَرِحُوا فَرَحًا أَشَدَّ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (فَمَرَّ غُلَامٌ لِلْمُغِيرَةِ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَفَّانَ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ مَرَّ غُلَامٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا قَبْلَهُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِي) أَيْ مِثْلِي فِي السِّنِّ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: الْقَرْنُ الْمِثْلُ فِي السِّنِّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِكَسْرِهَا؛ الْمِثْلُ فِي الشَّجَاعَةِ قَالَ: وَفَعْلٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ إِذَا كَانَ صَحِيحًا لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعَالٍ، إِلَّا أَلْفَاظٌ لَمْ يَعُدُّوا هَذَا فِيهَا.