للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْبَحْرِ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْرَ الْأَخْضَرَ، وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي طُوَالَةَ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ الْأَخْضَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالثَّبَجُ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ جِيمٌ، ظَهْرُ الشَّيْءِ هَكَذَا فَسَّرَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَتْنُ الْبَحْرِ وَظَهْرُهُ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: ثَبَجُ كُلِّ شَيْءٍ وَسَطُهُ.

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِي أَمَالِيهِ: قِيلَ ظَهْرُهُ، وَقِيلَ مُعْظَمُهُ، وَقِيلَ هَوْلُهُ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ فِي نَوَادِرِهِ: ضَرَبَ ثَبَجَ الرَّجُلِ بِالسَّيْفِ أَيْ وَسَطَهُ. وَقِيلَ: مَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَالرَّاجِحُ: أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا ظَهْرُهُ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَرْكَبُونَ السُّفُنَ الَّتِي تَجْرِي عَلَى ظَهْرِهِ، وَلَمَّا كَانَ جَرْيُ السُّفُنِ غَالِبًا إِنَّمَا يَكُونُ فِي وَسَطِهِ، قِيلَ الْمُرَادُ وَسَطُهُ، وَإِلَّا فَلَا اخْتِصَاصَ لِوَسَطِهِ بِالرُّكُوبِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ الْأَخْضَرَ فَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: هِيَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِلْبَحْرِ لَا مُخَصِّصَةٌ انْتَهَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُخَصِّصَةً؛ لِأَنَّ الْبَحْرَ يُطْلَقُ عَلَى الْمِلْحِ وَالْعَذْبِ، فَجَاءَ لَفْظُ الْأَخْضَرِ لِتَخْصِيصِ الْمِلْحِ بِالْمُرَادِ، قَالَ وَالْمَاءُ فِي الْأَصْلِ لَا لَوْنَ لَهُ وَإِنَّمَا تَنْعَكِسُ الْخُضْرَةُ مِنِ انْعِكَاسِ الْهَوَاءِ وَسَائِرِ مُقَابَلَاتِهِ إِلَيْهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّ الَّذِي يُقَابِلُهُ السَّمَاءُ، وَقَدْ أَطْلَقُوا عَلَيْهَا الْخَضْرَاءَ لِحَدِيثِ مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ الْأَخْضَرَ عَلَى كُلِّ لَوْنٍ لَيْسَ بِأَبْيَضَ وَلَا أَحْمَرَ، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَأَنَا الْأَخْضَرُ مَنْ يَعْرِفُنِي … أَخْضَرُ الْجِلْدَةِ مَنْ نَسْلِ الْعَرَبْ

يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ بِأَحْمَرَ كَالْعَجَمِ وَالْأَحْمَرُ يُطْلِقُونَهُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. وَمِنْهُ بُعِثْتُ إِلَى الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ.

قَوْلُهُ: مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ. كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِأَبِي ذَرٍّ مُلُوكٌ بِالرَّفْعِ.

قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ مِثْلُ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ يَشُكُّ إِسْحَاقُ. يَعْنِي رَاوِيَهُ عَنْ أَنَسٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ، وَحَمَّادٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِمَا قَبْلُ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ مِنْ غَيْرِ شك وَفِي رِوَايَةِ أَبِي طُوَالَةَ: مِثْلُ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ بِغَيْرِ شَكٍّ أَيْضًا، وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِهِ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ وَهَذَا الشَّكُّ مِنْ إِسْحَاقَ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ يُحَافَظُ عَلَى تَأْدِيَةِ الْحَدِيثِ بِلَفْظِهِ، وَلَا يَتَوَسَّعُ فِي تَأْدِيَتِهِ بِالْمَعْنَى كَمَا تَوَسَّعَ غَيْرُهُ كَمَا وَقَعَ لَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ تَظْهَرُ مِمَّا سُقْتُهُ وَأَسُوقُهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ رَأَى الْغُزَاةَ فِي الْبَحْرِ مِنْ أُمَّتِهِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَرُؤْيَاهُ وَحْيٌ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: ﴿عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ وَقَالَ: ﴿عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ﴾؛ وَالْأَرَائِكُ السُّرَرُ فِي الْحِجَالِ.

وَقَالَ عِيَاضٌ: هَذَا مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ حَالِهِمْ فِي الْغَزْوِ مِنْ سَعَةِ أَحْوَالِهِمْ وَقِوَامِ أَمْرِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَجَوْدَةِ عَدَدِهِمْ، فَكَأَنَّهُمُ الْمُلُوكُ عَلَى الْأَسِرَّةِ، قُلْتُ: وَفِي هَذَا الِاحْتِمَالِ بُعْدٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لَكِنَّ الْإِتْيَانَ بِالتَّمْثِيلِ فِي مُعْظَمِ طُرُقِهِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى مَا يَؤولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُمْ لَا أَنَّهُمْ نَالُوا ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ مَوْقِعُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُمْ فِيمَا هُمْ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي أُثِيبُوا بِهِ عَلَى جِهَادِهِمْ مِثْلُ مُلُوكِ الدُّنْيَا عَلَى أَسِرَّتِهِمْ، وَالتَّشْبِيهُ بِالْمَحْسُوسَاتِ أَبْلَغُ فِي نَفْسِ السَّامِعِ.

قَوْلُهُ: فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا. تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ فَدَعَا لَهَا وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي طُوَالَةَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُمْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ: أَنْتِ مِنْهُمْ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: فَإِنَّكِ مِنْهُمْ وَفِي رِوَايَةِ عُمَيْرِ بْنِ الْأَسْوَدِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا مِنْهُمْ؟ قَالَ: أَنْتِ مِنْهُمْ وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ دَعَا لَهَا، فَأُجِيبَ فَأَخْبَرَهَا جَازِمًا بِذَلِكَ

قَوْلُهُ: ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ ثُمَّ قَامَ ثَانِيَةً فَفَعَلَ مِثْلَهَا فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَكَذَا فِي رِوَايَةِ