فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ هَمَّا أَنْ يَلْبَسَا، فَقَالَ: كَمَا أَنْتُمَا، إِنِّي أُخْبِرَتُ أَنَّكِ جِئْتِ تَطْلُبِينَ فَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكَ خَدَمٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تُعْطِيَنِي خَادِمًا يَكْفِينِي الْخُبْزَ وَالْعَجْنَ، فَإِنَّهُ قَدْ شَقَّ عَلَيَّ، قَالَ: فَمَا جِئْتِ تَطْلُبِينَ أَحَبُّ إِلَيْكِ أَوْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ؟ قَالَ عَلِيٌّ: فَغَمَزْتُهَا، فَقُلْتُ: قُولِي مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، قَالَ: فَإِذَا كُنْتُمَا عَلَى مِثْلِ حَالِكُمَا الَّذِي أَنْتُمَا عَلَيْهِ، فَذَكَرَ التَّسْبِيحَ. وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَعْبَدَ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهَا، فَأَدْخَلَتْ رَأْسَهَا فِي اللِّفَاعِ حَيَاءً مِنْ أَبِيهَا وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ أَوَّلًا، فَلَمَّا تَآنَسَتْ بِهِ دَخَلَ مَعَهُمَا فِي الْفِرَاشِ مُبَالَغَةً مِنْهُ فِي التَّأْنِيسِ، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَعْبَدَ فَقَالَ مَا كَانَ حَاجَتُكِ أَمْسِ؟ فَسَكَتَتْ مَرَّتَيْنِ، فَقُلْتُ: أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرْتُهُ لَهُ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهَا أَوَّلًا اسْتَحْيَتْ، فَتَكَلَّمَ عَلِيٌّ عَنْهَا فَأُنْشِطَتْ لِلْكَلَامِ فَأَكْمَلَتِ الْقِصَّةُ.
وَاتَّفَقَ غَالِبُ الرُّوَاةِ عَلَى أَنَّهُ ﷺ جَاءَ إِلَيْهِمَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شَبَثٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ ابْنِ رِبْعِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَجَعْفَرٍ فِي الذِّكْرِ وَالسِّيَاقِ لَهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ سَبْيٌ فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ حَتَّى أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ مَا أَتَى بِكَمَا قَالَ عَلِيٌّ: شَقَّ عَلَيْنَا الْعَمَلُ. فَقَالَ: أَلَا أَدُلُّكُمَا وَفِي لَفْظِ جَعْفَرٍ فَقَالَ عَلِيٌّ لِفَاطِمَةَ: ائْتِ أَبَاكِ فَاسْأَلِيهِ أَنْ يُخْدِمَكُ، فَأَتَتْ أَبَاهَا حِينَ أَمْسَتْ فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ قَالَتْ جِئْتُ أُسَلِّمُ عَلَيْكَ.
وَاسْتَحْيَتْ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْقَابِلَةُ قَالَ: ائْتِ أَبَاكِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ لَهَا عَلِيٌّ: امْشِي فَخَرَجَا مَعًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ: أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ لَكُمَا مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، وَفِي مُرْسَلِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عِنْدَ جَعْفَرٍ أَيْضًا إِنَّ فَاطِمَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَبِيَدِهَا أَثَرُ الطَّحْنِ مِنْ قُطْبِ الرَّحَى فَقَالَ إِذَا أَوَيْتِ إِلَى فِرَاشِكَ الْحَدِيثَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ قِصَّةً أُخْرَى، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ الْحَكَمِ أَوْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ أَيِ ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَتْ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَبْيًا، فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُخْتِي فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَشْكُو إِلَيْهِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَأْمُرَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنَ السَّبْيِ فَقَالَ: سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ فَذَكَرَ قِصَّةَ التَّسْبِيحِ إِثْرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ التَّسْبِيحِ عِنْدَ النَّوْمِ فَلَعَلَّهُ عَلَّمَ فَاطِمَةَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَحَدَ الذِّكْرَيْنِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي تَهْذِيبِ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ مِنَ الزِّيَادَةِ فَقَالَ اصْبِرِي يَا فَاطِمَةُ إِنَّ خَيْرَ النِّسَاءِ الَّتِي نَفَعَتْ أَهْلَهَا.
قَوْلُهُ (فَقَالَ أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ) فِي رِوَايَةِ بَدَلٍ خَيْرٌ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ وَفِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَانِي وَلِلْقَطَّانِ نَحْوُهُ وَفِي رِوَايَةِ السَّائِبِ أَلَا أُخْبِركُمَا بِخَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَانِي؟ فَقَالَا بَلَى. فَقَالَ كَلِمَاتٌ عَلَّمَنِيهُنَّ جِبْرِيلُ.
قَوْلُهُ: إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا أَوْ أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، هَذَا شَكٌّ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ وَجَزَمَ بَدَلٌ، وَغُنْدَرٌ بِقَوْلِهِ: إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُعَاذٍ، عَنْ شُعْبَةَ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا مِنَ اللَّيْلِ وَجَزَمَ فِي رِوَايَةِ السَّائِبِ بِقَوْلِهِ: إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: تُسَبِّحَانِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا وَتَحْمَدَانِ عَشْرًا وَتُكَبِّرَانِ عَشْرًا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: خَصْلَتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا عَبْدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ.
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَفِيهِ ذِكْرُ مَا يُقَالُ عِنْدَ النَّوْمِ أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ إِنْ كَانَ حَدِيثُ السَّائِبِ، عَنْ عَلِيٍّ مَحْفُوظًا أَنْ يَكُونَ عَلَى ذِكْرِ الْقِصَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَشَرْتُ إِلَيْهِمَا قَرِيبًا مَعًا، ثُمَّ وَجَدْتُ الْحَدِيثَ فِي تَهْذِيبِ الْآثَارِ لِلطَّبَرِيِّ فَسَاقَهُ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، كَمَا ذَكَرْتُ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ إِذَا أَخَذَا مَضَاجِعَهُمَا بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ، فَسَاقَ الْحَدِيثَ فَظَهَرَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا مِنَ الرُّوَاةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute