للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ﴾ وَفُسِّرَتُ الصَّلَوَاتُ هُنَا أَيْضًا بِالدَّعَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَدْعُو لِمَنْ يَتَصَدَّقُ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ خَصَّ أَخَاهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ نَفْسِهِ) فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِشَارَةٌ إِلَى رَدِّ مَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: ذَكَرْتُ رَجُلًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَتَرَحَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَهَزَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ لِي: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ.

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: كَانَ يُقَالُ: إِذَا دَعَوْتَ فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي فِي أَيِّ دُعَاءٍ يُسْتَجَابُ لَكَ، وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: خَمْسُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ - وَذَكَرَ فِيهَا - وَدَعْوَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا، هَكَذَا اسْتَدَلَّ بِهِمَا ابْنُ بَطَّالٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لِظَهْرِ الْغَيْبِ وَدُعَاءَ الْأَخِ لِأَخِيهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي خَصَّهُ أَوْ ذَكَرَ نَفْسَهُ مَعَهُ، وَأَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَدَأَ بِهِ أَوْ بَدَأَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَفَعَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا فَدَعَا لَهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي أَوَّلِ قِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ وَلَفْظُهُ: وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْقَيْدَ أَنَّهُ دَعَا لِغَيْرِ نَبِيٍّ فَلَمْ يَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، كَقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ هَاجَرَ الْمَاضِيَةِ فِي الْمَنَاقِبِ: يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، يُرِيدُ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ، مَعَ أَنَّ الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيثِ أُبَيٍّ لَمْ يَطَّرِدْ،

فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ دَعَا لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ، فَلَمْ يَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، كَمَا مَرَّ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إِلَى الْأَوَّلِ بِسَادِسِ أَحَادِيثِ الْبَابِ، وَإِلَى الثَّانِي بِالَّذِي بَعْدَهُ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ: الحديث الأول:

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ النَّبِيُّ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ لِأَبِي مُوسَى تَقَدَّمَ بِطُولِهِ مَوْصُولًا فِي غَزْوَةِ أَوَطَاسَ مِنَ الْمَغَازِي، وَفِيهِ قِصَّةُ قَتْلِ أَبِي عَامِرٍ، وَهُوَ عَمُّ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَفِيهِ قَوْلُ أَبِي مُوسَى لِلنَّبِيِّ : إنَّ أَبَا عَامِرٍ قَالَ لَهُ: قُلْ لِلنَّبِيِّ اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ وَفِيهِ: فَقُلْتُ: وَلِي فَاسْتَغْفِرْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا.

الحديث الثاني:

قَوْلُهُ: (يَحْيَى) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ.

قَوْلُهُ: (خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ) هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَامِرٌ هُوَ ابْنُ الْأَكْوَعِ عَمُّ سَلَمَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي، وَسَبَبُ قَوْلِ عُمَرَ: لَوْلَا مَتَّعْتَنَا بِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، فَأَوْرَدَهُ مَوْرِدَ الِاسْتِقْرَاءِ، فَقَالَ: كَانُوا عَرَفُوا أَنَّهُ مَا اسْتَرْحَمَ لِإِنْسَانٍ قَطُّ فِي غَزَاةٍ تَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ، فَلِذَا قَالَ عُمَرُ: لَوْلَا أَمْتَعَتْنَا بِعَامِرٍ.

قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ شِعْرًا غَيْرَ هَذَا وَلَكِنِّي لَمْ أَحْفَظْهُ) تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ مِنْ طَرِيقِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَيُعْرَفُ مِنْهُ أَنَّ الْقَائِلَ: وَذَكَرَ شِعْرًا هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ رَاوِيهِ، وَأَنَّ الذَّاكِرَ هُوَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ. وَقَوْلُهُ: مِنْ هَنَاتِكَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالنُّونِ جَمْعُ هَنَةٍ، وَيُرْوَى: هُنَيْهَاتِكَ، وَهُنَيَّاتِكَ وَالْمُرَادُ الْأَرَاجِيزُ الْقِصَارُ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَمْسَوْا أَوْقَدُوا نَارًا كَثِيرَةً) الْحَدِيثُ فِي قِصَّةِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فِي رِوَايَةِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ: فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ يَعْنِي خَيْبَرَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ،