صَنَعَ خَالِدٌ) وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَنِي جَذِيمَةَ - بِجِيمٍ وَمُعْجَمَةٍ وَزْنُ عَظِيمَةٍ - وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا مَعَ شَرْحِهِ فِي الْمَغَازِي بَعْدَ غَزْوَةِ الْفَتْحِ، وَخَالِدٌ الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ الْوَلِيدِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْأُوَيْسِيُّ: هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَيِ: ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ. وَهَذَا طَرَفٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ بِهَذَا السَّنَدِ مُعَلَّقًا، وَوَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأُوَيْسِيُّ بِهِ، وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ قِصَّةَ الِاسْتِسْقَاءِ مُطَوَّلَةً مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ وَحْدَهُ عَنْ أَنَسٍ مِنْ طُرُقٍ، فِي بَعْضِهَا: وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا: حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ إِلَّا هَذَا، وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ رَدُّ مَنْ قَالَ: لَا يَرْفَعُ كَذَا إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، بَلْ فِيهِ وَفِي الَّذِي بَعْدَهُ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا يَرْفَعُ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ غَيْرَ الِاسْتِسْقَاءِ أَصْلًا، وَتَمَسَّكَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ ﷺ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ، لَكِنْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا، بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ صِفَةٌ خَاصَّةٌ لَا أَصْلُ الرَّفْعِ، وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرَّفْعَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ يُخَالِفُ غَيْرَهُ، إِمَّا بِالْمُبَالَغَةِ إِلَى أَنْ تَصِيرَ الْيَدَانِ فِي حَذْوِ الْوَجْهِ مَثَلًا، وَفِي الدُّعَاءِ إِلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: حَتَّى يَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ بَلْ يُجْمَعُ بِأَنْ تَكُونَ رُؤْيَةُ الْبَيَاضِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَبْلَغَ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ، وَإِمَّا أَنَّ الْكَفَّيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ يَلِيَانِ الْأَرْضَ، وَفِي الدُّعَاءِ يَلِيَانِ السَّمَاءَ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَبِتَقْدِيرِ تَعَذُّرِ
الْجَمْعِ فَجَانِبُ الْإِثْبَاتِ أَرْجَحُ، قُلْتُ: وَلَا سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً أَفْرَدَهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي جُزْءٍ سَرَدَ مِنْهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ جُمْلَةً وَعَقَدَ لَهَا الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بَابًا ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ دُونَ قَوْلِهِ: وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ: أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو هَاجَرَ فَذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجُلِ الَّذِي هَاجَرَ مَعَهُ وَفِيهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ ﷺ يَدْعُو رَافِعًا يَدَيْهِ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ الْحَدِيثَ وَهُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو لِعُثْمَانَ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ فِي قِصَّةِ الْكُسُوفِ: فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يَدْعُو، وَعِنْدَهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْكُسُوفِ أَيْضًا: ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو، وَفِي حَدِيثِهَا عِنْدَهُ فِي دُعَائِهِ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ: فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْحَدِيثَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الطَّوِيلِ فِي فَتْحِ مَكَّةَ: فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يَدْعُو، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي قِصَّةِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ: ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ.
وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ذَكَرَ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمًا، ثُمَّ سَرَّى عَنْهُ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا، الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ ﷺ بِعَرَفَاتٍ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو، فَمَالَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَقَطَ خِطَامُهَا، فَتَنَاوَلَهُ بِيَدِهِ، وَهُوَ رَافِعٌ الْيَدَ الْأُخْرَى أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، وَفِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْحَدِيثَ، وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ، وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute