للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْمُفَسِّرُ: لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِهَا فِي الْعُمْرِ مَرَّةً، وَأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ حِينٍ وُجُوبَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَسَبَقَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ.

رَابِعُهَا: تَجِبُ فِي الْقُعُودِ آخِرَ الصَّلَاةِ بَيْنَ قَوْلِ التَّشَهُّدِ وَسَلَامِ التَّحَلُّلِ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ.

خَامِسُهَا: تَجِبُ فِي التَّشَهُّدِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ.

سَادِسُهَا: تَجِبُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَنْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ.

سَابِعُهَا: يَجِبُ الْإِكْثَارُ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَدَدٍ، قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ بُكَيْرٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.

ثَامِنُهَا. كُلَّمَا ذُكِرَ، قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْحَلِيمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّهُ الْأَحْوَطُ، وَكَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ.

تَاسِعهَا: فِي كُلِّ مَجْلِسٍ مَرَّةً، وَلَوْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ مِرَارًا، حَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.

عَاشِرُهَا: فِي كُلِّ دُعَاءٍ، حَكَاهُ أَيْضًا.

وَأَمَّا مَحَلُّهَا فَيُؤْخَذُ مِمَّا أَوْرَدْتُهُ مِنْ بَيَانِ الْآرَاءِ فِي حُكْمِهَا، وَسَأَذْكُرُ مَا وَرَدَ فِيهِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى فَضْلِهَا، وَأَمَّا صِفَتُهَا فَهِيَ أَصْلُ مَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي حَدِيثَيِ الْبَابِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ) لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ عَنْ شُعْبَةَ إِلَّا هَكَذَا غَيْرَ مَنْسُوبٍ، وَهُوَ فَقِيهُ الْكُوفَةِ فِي عَصْرِهِ، وَهُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ، وَوَقَعَ عَنِ التِّرْمِذِيِّ، وَالطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ رِوَايَةِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ وَغَيْرِهِ مَنْسُوبًا، قَالُوا: عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ، وَهُوَ وَالِدُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَقِيهِ الْكُوفَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ.

قَوْلُهُ: (لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ) فِي رِوَايَةِ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَنَقَلَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ أَنْصَارِيٌّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَتَعَقَّبَهُ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْهُ فِي نَسَبِ الْأَنْصَارِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ بَلَوِيٌّ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ: أَنَّهُ بَلَوِيٌّ حَالَفَ الْأَنْصَارَ، وَعَيَّنَ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنِ الْحَكَمِ الْمَكَانَ الَّذِي الْتَقَيَا بِهِ، فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ: أَنَّ كَعْبًا قَالَ لَهُ، وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ.

قَوْلُهُ: (أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً) زَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ جَدِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ: سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ .

قَوْلُهُ: (إِنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ عَلَيْنَا) يَجُوزُ فِي أَنَّ الْفَتْحَ وَالْكَسْرَ، وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: فِي هَذَا السِّيَاقِ إِضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: نَعَمْ، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّ النَّبِيَّ . قُلْتُ: وَقَعَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ شَبَّابَةَ، وَعَفَّانَ، عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ أَخْرَجَهُ الْخِلَعِيُّ فِي فَوَائِدِهِ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى الْمَذْكُورَةِ، وَلَفْظُهُ: فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي، فَقَالَ.

قَوْلُهُ: (فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ) كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: قُلْنَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَكَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْبَابِ، وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي بُرَيْدَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ شُعْبَةَ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ: قُلْنَا - أَوْ قَالُوا -: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالشَّكِّ، وَالْمُرَادُ الصَّحَابَةُ أَوْ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ، وَوَقَعَ عِنْدَ السَّرَّاجِ، وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بِهِ: أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ قَالُوا، وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ السُّؤَالَ صَدَرَ مِنْ بَعْضِهِمْ لَا مِنْ جَمِيعِهِمْ، فَفِيهِ التَّعْبِيرُ عَنِ الْبَعْضِ بِالْكُلِّ، ثُمَّ قَالَ: وَيَبْعُدُ جِدًّا أَنْ يَكُونَ كَعْبٌ هُوَ الَّذِي بَاشَرَ السُّؤَالَ مُنْفَرِدًا، فَأَتَى بِالنُّونِ الَّتِي لِلتَّعْظِيمِ، بَلْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ أَجَابَ بِقَوْلِهِ: قُولُوا، فَلَوْ كَانَ السَّائِلُ وَاحِدًا لَقَالَ لَهُ قُلْ، وَلَمْ يَقُلْ قُولُوا.

انْتَهَى، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ نَفْيِ الْجَوَازِ، وَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَسْأَلَ الصَّحَابِيُّ الْوَاحِدُ عَنِ الْحُكْمِ، فَيُجِيبُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ إِشَارَةً إِلَى اشْتَرَاكِ الْكُلِّ فِي الْحُكْمِ، وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ فِي نَفْسِ السُّؤَالِ: قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي؟ كُلُّهَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ سَأَلَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ، فَحَسُنَ الْجَوَابُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، لَكِنَّ الْإِتْيَانَ بِنُونِ الْعَظَمَةِ فِي