وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ). كَذَا تَرْجَمَ بِبَعْضِ الْخَبَرِ وَهَذَا الْقَدْرُ مِنْهُ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ فِيهِ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ.
قَوْلُهُ: (عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ) مَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ أَوْرَدَ طَرِيقَ مُعَاذٍ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنْ شُعْبَةَ عَقِبَهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ وَعَكَسَ مُسْلِمٌ فَصَدَّرَ بِطَرِيقِ مُعَاذٍ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِطَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ، صَالِحٌ. قُلْتُ: وَهِيَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّوْثِيقِ لَكِنَّهَا مِنَ الرُّتْبَةِ الْأَخِيرَةِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ. وَقَالَ: إِنَّ مَنْ قِيلَ فِيهِ ذَلِكَ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ لِلِاعْتِبَارِ، وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ مِنْ شَرْطِ الصَّحِيحِ، لَكِنَّ اتِّفَاقَ الشَّيْخَيْنِ عَلَى التَّخْرِيجِ لَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرْفَعُ رُتْبَةً مِنْ ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ تَابَعَهُ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَهُوَ مِنَ الْأَثْبَاتِ، وَوَقَعَ فِي الْإِرْشَادِ لَلْخَلِيلِيِّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَالِكٍ: مُتَّهَمٌ بِسَرِقَةِ الْحَدِيثِ. حَكَاهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ، وَقَالَ: هُوَ الْمِسْمَعِيُّ مِصْرِيٌّ صَدُوقٌ، خَرَّجَ لَهُ صَاحِبُ الصَّحِيحِ. انْتَهَى. وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ غَيْرُ الْمِسْمَعِيِّ فَإِنَّ الصَّنْعَانِيَّ إِمَّا مِنْ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ أَوْ صَنْعَاءِ دِمَشْقَ. وَهَذَا بَصْرِيٌّ قَطْعًا، فَافْتَرَقَا.
قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) هُوَ السَّبِيعِيُّ.
قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ أَبِي مُوسَى) هَكَذَا جَاءَ مُبْهَمًا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهَكَذَا أَوْرَدَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي عَشَرَ مِنَ الْقِسْمِ الْخَامِسِ مِنْ صَحِيحِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْمِسْمَعِيُّ فَذَكَرَهُ، وَسَمَّاهُ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ، فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ.
قَوْلُهُ (وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ .. إِلَخْ) أَخْرَجُهُ مُسْلِمٌ بِصَرِيحِ التَّحْدِيثِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، وَكَذَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ بِهِ وَأَشَارَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِلَى أَنَّ فِي السَّنَدِ عِلَّةً أُخْرَى فَقَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْحُفَّاظِ يَقُولُ: إِنَّ أَبَا إِسْحَاقَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي بُرْدَةَ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ. قُلْتُ: وَهَذَا تَعْلِيلٌ غَيْرُ قَادِحٍ، فَإِنَّ شُعْبَةَ كَانَ لَا يَرْوِي عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُدَلِّسِينَ إِلَّا مَا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخِهِ.
قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثَةِ: (إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي بُرْدَةَ، أَحْسَبُهُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ) لَمْ أَجِدْ طَرِيقَ إِسْرَائِيلَ هَذِهِ فِي مُسْتَخْرَجِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَضَاقَتْ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ فَأَوْرَدَهَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يَسْتَخْرِجْهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَأَفَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ شُرَيْكًا، وَأَشْعَثَ، وَقَيْسَ بْنَ الرَّبِيعِ رَوَوْهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بنْ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ وَقَعَتْ لِي طَرِيقُ إِسْرَائِيلَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ فِي فَوَائِدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْهرَوِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ بِسَنَدِهِ، وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي بُرْدَةَ، ابني أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِمَا وَلَمْ يَشُكَّ. وَقَالَ: غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى.
قُلْتُ: وَإِسْرَائِيلُ هُوَ ابن يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَهُوَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي حَدِيثِ جَدِّهِ.
(تَنْبِيهٌ) حَكَى الْكِرْمَانِيُّ أن فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ بِالتَّكْبِيرِ، قلت: وَهُوَ خَطَأٌ مَحْضٌ، وَكَذَا حَكَى أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ، عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِتَأْخِيرِ الْمِيمِ، وَهُوَ خَطَأٌ أَيْضًا، وَهَذَا هُوَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ مَشْهُورٌ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ.
قَوْلُهُ (أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ) لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ مَحَلَّ الدُّعَاءِ بِذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ مُعْظَمُ آخِرِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ