للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَكُتِبَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمُحِيَ عَنْهُ بِهِنَّ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ حَرَسًا مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِذَا قَالَهَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَمِثْلُ ذَلِكَ. وَسَنَدُهُ حَسَنٌ.

وَأَخْرَجَهُ جَعْفَرٌ فِي الذِّكْرِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رُهْمٍ السَّمَعِيِّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، لَكِنْ زَادَ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَقَالَ فِيهِ: كَعَدْلِ عَشْرِ رِقَابٍ وَكَانَ لَهُ مَسْلَحَةٌ مِنْ أَوَّلِ نَهَارِهِ إِلَى آخِرِهِ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا يَوْمئِذٍ يَقْهَرُهُنَّ، وَإِنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُمْسِي فَمِثْلُ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الِقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ بِلَفْظِ مَنْ قَالَ غُدْوَةً فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَأَجَارَهُ اللَّهُ يَوْمَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا عَشِيَّةً كَانَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ الْبُخَارِيُّ (وَالصَّحِيحُ قَوْلُ عَمْرٍو) كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ، وَوَقَعَ عِنْدَهُ عَمْرٌو بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ عُمَرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَهُوَ كَمَا قَالَ: وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ فِي رِوَايَتِهِ، الصَّحِيحُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الْحَدِيثُ حَدِيثُ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَهُوَ الَّذِي ضَبَطَ الْإِسْنَادَ، وَمُرَادُ الْبُخَارِيِّ تَرْجِيحُ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ هُوَ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ حَفِيدَهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ يُوسُفَ كَمَا بَيِّنَتُهُ، وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا حَفِيدُهُ الْآخَرُ إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، أَخْرَجَهُ جَعْفَرٌ فِي الذِّكْرِ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، فَزَادَ فِي رِوَايَتِهِ بَيْنَ عَمْرٍو، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ. وَوَقَفَهُ أَيْضًا وَلَفْظُهُ عِنْدَهُ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ مَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ.

وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، لَكِنْ قَالَ: كَانَ أَعْظَمَ أَجْرًا وَأَفْضَلَ، وَالْبَاقِي مِثْلُ إِسْرَائِيلَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَيْنَ الرَّبِيعِ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَأَخْرَجَهُ جَعْفَرٌ فِي الذِّكْرِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا مَنْ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ فَذَكَرَ مِثْلَ لَفْظِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ.

وَاخْتِلَافُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِي عَدَدِ الرِّقَابِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ بَيْنَهَا فَالْأَكْثَرُ عَلَى ذِكْرِ أَرْبَعَةٍ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِذِكْرِ عَشَرَةٍ لِقَوْلِهَا مِائَةٌ فَيَكُونُ مُقَابِلُ كُلِّ عَشْرِ مَرَّاتٍ رَقَبَةً مِنْ قَبْلِ الْمُضَاعَفَةِ فَيَكُونُ لِكُلِّ مَرَّةٍ بِالْمُضَاعَفَةِ رَقَبَةٌ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ لِمُطْلَقِ الرِّقَابِ وَمَعَ وَصْفِ كَوْنِ الرَّقَبَةِ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ يَكُونُ مُقَابِلُ الْعَشَرَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ أَرْبَعَةً مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ أَشْرَفُ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ فَضْلًا عَنِ الْعَجَمِ، وَأَمَّا ذِكْرُ رَقَبَةِ بِالْإِفْرَادِ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ فَشَاذٌّ وَالْمَحْفُوظُ أَرْبَعَةٌ كَمَا بَيَّنْتُهُ.

وَجَمَعَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ بَيْنَ الِاخْتِلَافِ عَلَى اخْتِلَافِ أَحْوَالِ الذَّاكِرِينَ فَقَالَ: إِنَّمَا يَحْصُلُ الثَّوَابُ الْجَسِيمُ لِمَنْ قَامَ بِحَقِّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَاسْتَحْضَرَ مَعَانِيَهَا بِقَلْبِهِ وَتَأَمَّلَهَا بِفَهْمِهِ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ الذَّاكِرُونَ فِي إِدْرَاكَاتِهِمْ وَفُهُومِهِمْ مُخْتَلِفِينَ كَانَ ثَوَابُهُمْ بِحَسَبِ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ اخْتِلَافُ مَقَادِيرِ الثَّوَابِ فِي الْأَحَادِيثِ فَإِنَّ فِي بَعْضِهَا ثَوَابًا مُعَيَّنًا، وَنَجِدُ ذَلِكَ الذِّكْرَ بِعَيْنِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ كَمَا اتَّفَقَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ.

قُلْتُ: إِذَا تَعَدَّدَتْ مَخَارِجُ الْحَدِيثِ فَلَا بَأْسَ بِهَذَا الْجَمْعِ وَإِذَا اتَّحَدَتْ فَلَا وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ الَّذِي قَدَّمْتُهُ وَيُحْتَمَلُ فِيمَا إِذَا تَعَدَّدَتْ أَيْضًا أَنْ يَخْتَلِفَ الْمِقْدَارُ بِالزَّمَانِ كَالتَّقْيِيدِ بِمَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مَثَلًا وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ إِنْ لَمْ يُحْمَلِ الْمُطْلَقَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ اسْتِرْقَاقِ الْعَرَبِ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ، قَالَ عِيَاضٌ: ذِكْرُ هَذَا الْعَدَدِ مِنَ الْمِائَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا غَايَةُ لِلثَّوَابِ الْمَذْكُورِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرَادَ الزِّيَادَةُ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ فَيَكُونُ لِقَائِلِهِ مِنَ الْفَضْلِ بِحِسَابِهِ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّهَا مِنَ الْحُدُودِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ اعْتِدَائِهَا وَأَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي الزِّيَادَةِ