للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ.

وَمِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ رَفَعَهُ: أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ.

وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ.

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ في حَدِيث طَوِيلٌ وَفِيهِ: فَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ، وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي إثْرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ أَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ: لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ نَحْوَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَفِيهِ: أَنَّهُ السَّائِلُ عَنْ ذَلِكَ.

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ: إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا، قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: حِلَقُ الذِّكْرِ.

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: أَلَا أُخْبِركُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ ﷿. وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَيْهِ مُسْتَشْكَلًا فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ مَعَ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ الْمُجَاهِدِ أَنَّهُ كَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

وَطَرِيقُ الْجَمْعِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِ اللَّهِ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ الذِّكْرُ الْكَامِلُ وَهُوَ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ ذِكْرُ اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ بِالتَّفَكُّرِ فِي الْمَعْنَى وَاسْتِحْضَارِ عَظَمَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَنَّ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ أَفْضَلَ مِمَّنْ يُقَاتِلُ الْكُفَّارَ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ اسْتِحْضَارٍ لِذَلِكَ، وَأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْجِهَادِ إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذِكْرِ اللِّسَانِ الْمُجَرَّدِ، فَمَنِ اتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ جَمَعَ ذَلِكَ كَمَنْ يَذْكُرُ اللَّهَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَاسْتِحْضَارِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ حَالَ صَلَاتِهِ أَوْ فِي صِيَامِهِ أَوْ تَصَدُّقِهِ أَوْ قِتَالِهِ الْكُفَّارَ مَثَلًا فَهُوَ الَّذِي بَلَغَ الْغَايَةَ الْقُصْوَى وَالْعِلْمَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَأَجَابَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: بِأَنَّهُ مَا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ إِلَّا وَالذِّكْرُ مُشْتَرَطٌ فِي تَصْحِيحِهِ، فَمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ بِقَلْبِهِ عِنْدَ صَدَقَتِهِ أَوْ صِيَامِهِ مَثَلًا فَلَيْسَ عَمَلُهُ كَامِلًا، فَصَارَ الذِّكْرُ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ حَدِيثُ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ.

الحديث الأول: قَوْلُهُ (مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ) سَقَطَ لَفْظُ رَبَّهُ الثَّانِيَةُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ: مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتُ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي يَعْلَى، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ.

وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَرَّادٍ وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيِّ، وَمُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ دِينَارٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ فَتَوَارُدُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ شَيْخُ أَبِي أُسَامَةَ، وَانْفِرَادُ الْبُخَارِيِّ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ دُونَ بَقِيَّةِ أَصْحَابِ أَبِي كُرَيْبٍ وَأَصْحَابِ أَبِي أُسَامَةَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ رَوَاهُ مِنْ حِفْظِهِ أَوْ تَجَوَّزَ فِي رِوَايَتِهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي وَقَعَ لَهُ وَهُوَ أَنَّ الَّذِي يُوصَفُ بِالْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ حَقِيقَةً هُوَ السَّاكِنُ لَا السَّكَنُ وَأَنَّ إِطْلَاقَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ فِي وَصْفِ الْبَيْتِ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ سَاكِنُ الْبَيْتِ فَشَبَّهَ الذَّاكِرَ بِالْحَيِّ الَّذِي ظَاهِرُهُ مُتَزَيِّنٌ بِنُورِ الْحَيَاةِ وَبَاطِنُهُ بِنُورِ الْمَعْرِفَةِ