للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صَاحِبِ مُوسَى، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ فَقَالَ أُبَيٌّ: نَعَمْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَذْكُرُ شَأْنَهُ يَقُولُ: بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَتَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لَا، فَأَوْحَى اللَّهُ ﷿ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَّبِعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ. فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى: ﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ قَالَ مُوسَى: ﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الْخُرُوجِ) أَيِ: السَّفَرِ (فِي طَلَبِ الْعِلْمِ) لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا مَرْفُوعًا صَرِيحًا، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ الْمُصَنِّفُ لِاخْتِلَافٍ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مُصَغَّرًا هُوَ الْجُهَنِيُّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ.

قَوْلُهُ: (فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ) هُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: بَلَغَنِي عَنْ رَجُلٍ حَدِيثٌ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا ثُمَّ شَدَدْتُ رَحْلِي، فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ. فَقَالَ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَخَرَجَ فَاعْتَنَقَنِي. فَقُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَخَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ. فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: يَحْشُرُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ، وَتَمَّامٌ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ يَبْلُغُنِي عَنِ النَّبِيِّ حَدِيثٌ فِي الْقِصَاصِ، وَكَانَ صَاحِبُ الْحَدِيثِ بِمِصْرَ، فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا فَسِرْتُ حَتَّى وَرَدْتُ مِصْرَ فَقَصَدْتُ إِلَى بَابِ الرَّجُلِ. . . فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ.

وَلَهُ طَرِيقٌ ثَالِثَةٌ أَخْرَجَهَا الْخَطِيبُ فِي الرِّحْلَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْجَارُودِ الْعَنْسِيِّ - وَهُوَ بِالنُّونِ السَّاكِنَةِ - عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَلَغَنِي حَدِيثٌ فِي الْقِصَاصِ. . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ. وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ. وَادَّعَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ هَذَا يَنْقُضُ الْقَاعِدَةَ الْمَشْهُورَةَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ حَيْثُ يُعَلِّقُ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ يَكُونُ صَحِيحًا، وَحَيْثُ يُعَلِّقُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ يَكُونُ فِيهِ عِلَّةٌ ; لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْجَزْمِ هُنَا، ثُمَّ أَخْرَجَ طَرَفًا مِنْ مَتْنِهِ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ، فَقَالَ:: وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ الْحَدِيثَ. وَهَذِهِ الدَّعْوَى مَرْدُودَةٌ، وَالْقَاعِدَةُ بِحَمْدِ اللَّهِ غَيْرُ مُنْتَقَضَةٍ، وَنَظَرُ الْبُخَارِيِّ أَدَقُّ مِنْ أَنْ يُعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ هَذَا فَإِنَّهُ حَيْثُ ذَكَرَ الِارْتِحَالَ فَقَطْ جَزَمَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَادَ حَسَنٌ وَقَدِ اعْتُضِدَ. وَحَيْثُ ذَكَرَ طَرَفًا مِنَ الْمَتْنِ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ، لِأَنَّ لَفْظَ الصَّوْتِ مِمَّا يُتَوَقَّفُ فِي إِطْلَاقِ نِسْبَتِهِ إِلَى الرَّبِّ، وَيَحْتَاجُ إِلَى تأويل (١) فَلَا يَكْفِي فِيهِ مَجِيءُ الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا وَلَوِ


(١) ليس الأمر كذلك، بل إطلاق الصوت على كلام الله سبحانه قد ثبت في غير هذا الحديث عند المؤلف وغيره، فالواجب إثبات ذلك على الوجه الائق بالله كسائر الصفات كما هو مذهب أهل السنة. والله أعلم