للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَعْمَرٍ وَوَقَعَ لِشَيْخِهِ فِيهِ وَهَمٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَيَانِهِ.

قَوْلُهُ (أَعْذَرَ اللَّهُ) الْإِعْذَارُ إِزَالَةُ الْعُذْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ اعْتِذَارٌ كَأَنْ يَقُولَ لَوْ مُدَّ لِي فِي الْأَجَلِ لَفَعَلْتُ مَا أُمِرْتُ بِهِ يُقَالُ أَعْذَرَ إِلَيْهِ إِذَا بَلَّغَهُ أَقْصَى الْغَايَةِ فِي الْعُذْرِ وَمَكَّنَهُ مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا بِالْعُمُرِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ حِينَئِذٍ إِلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَالطَّاعَةُ وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْآخِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَنِسْبَةُ الْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ مَجَازِيَّةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتْرُكْ لِلْعَبْدِ سَبَبًا فِي الِاعْتِذَارِ يَتَمَسَّكُ بِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ إِلَّا بَعْدَ حُجَّةٍ.

قَوْلُهُ (أَخَّرَ أَجَلَهُ) يَعْنِي أَطَالَهُ (حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً) وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ: لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى عَبْدٍ أَحْيَاهُ حَتَّى يَبْلُغَ سِتِّينَ سَنَةً أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً، لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ، لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ.

قَوْلُهُ (تَابَعَهُ أَبُو حَازِمٍ، وَابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ الْمَقْبُرِيِّ) أَمَّا مُتَابَعَةُ أَبِي حَازِمٍ وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ فَأَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا أَخْرَجَهُ الْحُفَّاظُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَخَالَفَهُمْ هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ فَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَإِدْخَالُهُ بَيْنَ سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ رَجُلًا مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ. وَأَمَّا طَرِيقُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: مَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ سِتُّونَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنَّمَا كَانَتِ السِّتُّونَ حَدًّا لِهَذَا؛ لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُعْتَرَكِ وَهِيَ سِنُّ الْإِنَابَةِ وَالْخُشُوعِ وَتَرَقُّبِ الْمَنِيَّةِ. فَهَذَا إِعْذَارٌ بَعْدَ إِعْذَارٍ لُطْفًا مِنَ اللَّهِ بِعِبَادِهِ حَتَّى نَقَلَهُمْ مِنْ حَالَةِ الْجَهْلِ إِلَى حَالَةِ الْعِلْمِ ثُمَّ أَعْذَرَ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يُعَاقِبْهُمْ إِلَّا بَعْدَ الْحُجَجِ الْوَاضِحَةِ وَإِنْ كَانُوا فُطِرُوا عَلَى حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الْأَمَلِ لَكِنَّهُمْ أُمِرُوا بِمُجَاهِدَةِ النَّفْسِ فِي ذَلِكَ لِيَمَتثَّلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الطَّاعَةِ وَيَنْزَجِرُوا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اسْتِكْمَالَ السِّتِّينَ مَظِنَّةٌ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ، وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ.

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْأَسْنَانُ أَرْبَعَةٌ سِنُّ الطُّفُولِيَّةِ ثُمَّ الشَّبَابِ ثُمَّ الْكُهُولَةِ ثُمَّ الشَّيْخُوخَةِ وَهِيَ آخِرُ الْأَسْنَانِ، وَغَالِبُ مَا يَكُونُ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ ضَعْفُ الْقُوَّةِ بِالنَّقْصِ وَالِانْحِطَاطِ فَيَنْبَغِي لَهُ الْإِقْبَالُ عَلَى الْآخِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى مِنَ النَّشَاطِ وَالْقُوَّةِ. وَقَدِ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ مَنِ اسْتَكْمَلَ سِتِّينَ فَلَمْ يَحُجَّ مَعَ الْقُدْرَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُقَصِّرًا وَيَأْثَمُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ، بِخِلَافِ مَا دُونَ ذَلِكَ.

قَالَ لَّيْثُ: عن يُونُسُ - وَابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ - عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ وَأَبُو سَلَمَةَ.

الحديث الثاني:

قَوْلُهُ (يُونُسُ) هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ.

قَوْلُهُ (لَا يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا، وَطُولِ الْأَمَلِ) الْمُرَادُ بِالْأَمَلِ هُنَا مَحَبَّةُ طُولِ الْعُمُرِ فَسَّرَهُ حَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي بَعْدَهُ فِي آخِرِ الْبَابِ وَسَمَّاهُ شَابًّا إِشَارَةً إِلَى قُوَّةِ اسْتِحْكَامِ حُبِّهِ لِلْمَالِ أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ وَالْمُطَابَقَةِ.

قَوْلُهُ (قَالَ لَيْثٌ، عَنْ يُونُسَ، وَابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ) هُوَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ (وَأَبُو سَلَمَةَ) يَعْنِي كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. أَمَّا رِوَايَةُ لَيْثٍ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ فَوَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ الْمَالِ بَدَلَ الدُّنْيَا. وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ فَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ، عَنْ حَرْمَلَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَيْنِ طُولِ الْحَيَاةِ وَحُبِّ الْمَالِ. وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ