للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ) الْأُولَى بِكَسْرِ اللَّامِ الْخَفِيفَةِ، أَيْ: صَارَ عَالِمًا، وَالثَّانِيَةُ بِفَتْحِهَا وَتَشْدِيدِهَا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ) هُوَ أَبُو كُرَيْبٍ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ أَكْثَرُ مِنِ اسْمِهِ، وَكَذَا شَيْخُهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَبُرَيْدٌ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَأَبُو بُرْدَةَ جَدُّهُ وَهُوَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ. وَقَالَ فِي السِّيَاقِ: عَنْ أَبِي مُوسَى، وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ أَبِيهِ تَفَنُّنًا، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (مَثَلُ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الصِّفَةُ الْعَجِيبَةُ لَا الْقَوْلُ السَّائِرُ.

قَوْلُهُ: (الْهُدَى) أَيِ: الدَّلَالَةُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى الْمَطْلُوبِ، وَالْعِلْمُ الْمُرَادُ بِهِ مَعْرِفَةُ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (نَقِيَّةٌ) كَذَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا بِالنُّونِ مِنَ النَّقَاءِ وَهِيَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ، لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ الْخَطَّابِيِّ، وَالْحُمَيْدِيِّ وَفِي حَاشِيَةِ أَصْلِ أَبِي ذَرٍّ ثَغِبَةٌ بِمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ مَفْتُوحَةٌ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هِيَ مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ فِي الْجِبَالِ وَالصُّخُورِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: هَذَا غَلَطٌ فِي الرِّوَايَةِ، وَإِحَالَةٌ لِلْمَعْنَى ; لِأَنَّ هَذَا وَصْفُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الَّتِي تَنْبُتُ، وَمَا ذَكَرَهُ يَصْلُحُ وَصْفًا لِلثَّانِيَةِ الَّتِي تُمْسِكُ الْمَاءَ. قَالَ: وَمَا ضَبَطْنَاهُ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ إِلَّا نَقِيَّةٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي مُسْلِمٍ: طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ. قُلْتُ: وَهُوَ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَالْمُسْتَخْرَجَاتِ كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِي كِتَابِ الزَّرْكَشِيِّ. وَرُوِيَ: بُقْعَةٌ قُلْتُ: هُوَ بِمَعْنَى طَائِفَةٍ، لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ رِوَايَاتِ الصَّحِيحَيْنِ. ثُمَّ قَرَأْتُ فِي شَرْحِ ابْنِ رَجَبٍ أَنَّ فِي رِوَايَةٍ بِالْمُوَحَّدَةِ بَدَلَ النُّونِ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِهَا الْقِطْعَةُ الطَّيِّبَةُ كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ بَقِيَّةُ النَّاسِ، وَمِنْهُ: ﴿فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ﴾

قَوْلُهُ: (قَبِلَتْ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ الْقَبُولِ، كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ. وَوَقَعَ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ: قَيَّلَتْ بِالتَّحْتَانِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدُ.

قَوْلُهُ: (الْكَلَأَ) بِالْهَمْزَةِ بِلَا مَدٍّ.

قَوْلُهُ: (وَالْعُشْبَ) هُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ ; لِأَنَّ الْكَلَأَ يُطْلَقُ عَلَى النَّبْتِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ مَعًا، وَالْعُشْبُ لِلرَّطْبِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (إِخَاذَاتٌ) كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَآخِرُهُ مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقُ قَبْلَهَا أَلِفٌ جَمْعُ إِخَاذَةٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي تُمْسِكُ الْمَاءَ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَكَذَا فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: أَجَادِبُ بِالْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ جَمْعُ جَدَبٍ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الصُّلْبَةُ الَّتِي لَا يَنْضُبُ مِنْهَا الْمَاءُ. وَضَبَطَهُ الْمَازِرِيُّ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. وَوَهَّمَهُ الْقَاضِي. وَرَوَاهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنْ أَبِي يَعْلَى، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ: أَحَارِبُ بِحَاءٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: لَمْ يَضْبِطْهُ أَبُو يَعْلَى. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِشَيْءٍ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَجَارِدُ بِجِيمٍ وَرَاءٍ ثُمَّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ جَمْعُ جَرْدَاءَ وَهِيَ الْبَارِزَةُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ صَحِيحُ الْمَعْنَى إِنْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَةُ. وَأَغْرَبَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ فَجَعَلَ الْجَمِيعَ رِوَايَاتٍ، وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ سِوَى رِوَايَتَيْنِ فَقَطْ، وَكَذَا جَزَمَ الْقَاضِي.

قَوْلُهُ: (فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا) أَيْ بِالْإِخَاذَاتِ. وَلِلْأَصِيلِيِّ بِهِ أَيْ بِالْمَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَزَرَعُوا) كَذَا لَهُ بِزِيَادَةِ زَايٍ مِنَ الزَّرْعِ، وَوَافَقَهُ أَبُو يَعْلَى، وَيَعْقُوبُ بْنُ الْأَخْرَمِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، وَلِمُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ: وَرَعَوْا بِغَيْرِ زَايٍ مِنَ الرَّعْيِ، قَالَ النَّوَوِيُّ. كِلَاهُمَا صَحِيحٌ. وَرَجَّحَ الْقَاضِي رِوَايَةَ مُسْلِمٍ بِلَا مُرَجِّحٍ ; لِأَنَّ رِوَايَةَ زَرَعُوا تَدُلُّ عَلَى مُبَاشَرَةِ الزَّرْعِ لِتُطَابِقَ فِي التَّمْثِيلِ مُبَاشَرَةَ طَلَبِ الْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَتْ رِوَايَةُ رَعَوْا مُطَابِقَةً لِقَوْلِهِ: أَنْبَتَتْ، لَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلْإِنْبَاتِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ رُوِيَ: وَوَعَوْا بِوَاوَيْنِ، وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ. وَقَالَ الْقَاضِي قَوْلُهُ: وَرَعَوْا رَاجِعٌ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا نَبَاتٌ، انْتَهَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الثَّانِيَةِ أَيْضًا بِمَعْنَى أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي اسْتَقَرَّ بِهَا سُقِيَتْ مِنْهُ أَرْضٌ أُخْرَى فَأَنْبَتَتْ.

قَوْلُهُ: (فَأَصَابَ) أَيِ: الْمَاءُ. وَلِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ أَصَابَتْ أَيْ: طَائِفَةٌ أُخْرَى. وَوَقَعَ كَذَلِكَ صَرِيحًا عِنْدَ النَّسَائِيِّ. وَالْمُرَادُ