للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظَاهِرُهُ الْوَقْفَ، أَوْ فِي السَّنَدِ مَنْ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ فِي الِاحْتِجَاجِ.

فَمِنْ أَمْثِلَةِ الْأَوَّلِ: قَوْلُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ: قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ:، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقَطَّانُ، فَذَكَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ الْحَدِيثَ، فَهَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهُوَ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُتَلَمَّحَ لَهُ مَا يُلْحِقُهُ بِالْمَرْفُوعِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي قَوْلُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ: قَالَ لَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ:، حَدَّثَنَا أَبَانٌ الْعَطَّارُ، فَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ: لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا الْحَدِيثَ، فَأَبَانٌ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ كَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَعَبَّرَ فِي التَّخْرِيجِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِذَلِكَ، وَقَدْ عَلَّقَ عَنْهُمَا أَشْيَاءَ بِخِلَافِ الْوَاسِطَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَظْهَرُ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَسُقْهُ مَسَاقَ الِاحْتِجَاجِ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا، لَكِنَّ السِّرَّ فِيهِ مَا ذَكَرْتُ وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ كَثِيرَةٌ تَظْهَرُ لِمَنْ تَتَبَّعَهَا.

قَوْلُهُ: (عَنْ ثَابِتٍ) هُوَ الْبُنَانِيُّ، وَيُقَالُ: إِنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ أَثْبَتَ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ، وَقَدْ أَكْثَرَ مُسْلِمٌ مِنْ تَخْرِيجِ ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِهِ، وَلَمْ يُكْثِرْ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، كَإِكْثَارِهِ فِي احْتِجَاجِهِ بِهَذِهِ النُّسْخَةِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أُبَيٍّ) هُوَ ابْنُ كَعْبٍ، وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ، وَإِنْ كَانَ أُبَيٌّ أَكْبَرَ مِنْ أَنَسٍ.

قَوْلُهُ: (كُنَّا نُرَى) بِضَمِّ النُّونِ أَوَّلِهِ؛ أَيْ نَظُنُّ، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا مِنَ الرَّأْيِ أَيْ نَعْتَقِدُ.

قَوْلُهُ: (هَذَا) لَمْ يُبَيِّنْ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: هَذَا، وَقَدْ بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ: كُنَّا نُرَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْقُرْآنِ: لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى وَادِيًا ثَالِثًا الْحَدِيثُ دُونَ قَوْلِهِ: وَيَتُوبُ اللَّهُ إِلَخْ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى نَزَلَتْ ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾، زَادَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ: إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ، وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَأَوَّلُهُ: كُنَّا نُرَى أَنَّ هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَخْ.

(تَنْبِيه): هَكَذَا وَقَعَ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ عَنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ، وَعَكَسَ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَهُوَ الْأَنْسَبُ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ: قَوْلُهُ: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ خَرَجَ عَلَى لَفْظِ الْخِطَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ فَطَرَ النَّاسَ عَلَى حُبِّ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، فَلَهُمْ رَغْبَةٌ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ الْغَفْلَةُ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أُمِرُوا بِهِ حَتَّى يَفْجَأَهُمُ الْمَوْتُ.

وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ ذَمُّ الْحِرْصِ وَالشَّرَهِ، وَمِنْ ثَمَّ آثَرَ أَكْثَرَ السَّلَفِ التَّقَلُّلَ مِنَ الدُّنْيَا، وَالْقَنَاعَةَ بِالْيَسِيرِ، وَالرِّضَا بِالْكَفَافِ، وَوَجْهُ ظَنِّهِمْ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ ذَمِّ الْحِرْصِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ، وَالتَّقْرِيعِ بِالْمَوْتِ الَّذِي يَقْطَعُ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ، وَتَضَمَّنَتْ مَعْنَى ذَلِكَ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ عَلِمُوا أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَدْ شَرَحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قُرْآنًا، وَنُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ فَاسْتَمَرَّتْ تِلَاوَتُهَا فَكَانَتْ نَاسِخَةً لِتِلَاوَةِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا الْحُكْمُ فِيهِ وَالْمَعْنَى فَلَمْ يُنْسَخْ؛ إِذْ نَسْخُ التِّلَاوَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُعَارَضَةَ بَيْنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، كَنَسْخِ الْحُكْمِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ النَّسْخِ فِي شَيْءٍ. قُلْتُ: يُؤَيِّدُ مَا رَدَّهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ: عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ قَالَ: وَقَرَأَ فِيهَا: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ: لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ مَالٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ، وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ، عَنْ أُبَيٍّ الْمَذْكُورِ آنِفًا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُبَيٌّ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ لَمْ يَكُنْ، وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ فِي آخِرِ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ احْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةَ السُّورَةِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى