للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُرْوَةَ وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عُرْوَةَ إِلَّا يَعْقُوبُ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ. وَمِنْهَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الزُّهْدِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.

وَمِنْهَا عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَسَنَدُهُمَا ضَعِيفٌ، وَعَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا، وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مُخْتَصَرًا وَسَنَدُهُ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مُخْتَصَرًا وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ مَقْطُوعًا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى ابْنِ حِبَّانَ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ إِخْرَاجِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا يُعْرَفُ لِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا طَرِيقَانِ، يَعْنِي غَيْرَ حَدِيثِ الْبَابِ، وَهُمَا هِشَامٌ الْكِنَانِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ، وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَاتِهِمْ مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ.

قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى -) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَبْوَابٍ. قُلْتُ: وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ النَّبِيَّ حَدَّثَ بِهِ عَنْ جِبْرِيلَ عَنِ اللَّهِ ﷿، وَذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ.

قَوْلُهُ: مِنْ عَادَى لِي وَلِيًّا) الْمُرَادُ بِوَلِيِّ اللَّهِ الْعَالِمُ بِاللَّهِ الْمُوَاظِبُ عَلَى طَاعَتِهِ الْمُخْلِصُ فِي عِبَادَتِهِ. وَقَدِ اسْتُشْكِلَ وُجُودُ أَحَدٍ يُعَادِيهِ، لِأَنَّ الْمُعَادَاةَ إِنَّمَا تَقَعُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَمَنْ شَأْنِ الْوَلِيِّ الْحِلْمُ وَالصَّفْحُ عَمَّنْ يَجْهَلُ عَلَيْهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُعَادَاةَ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي الْخُصُومَةِ وَالْمُعَامَلَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ مَثَلًا، بَلْ قَدْ تَقَعُ عَنْ بُغْضٍ يَنْشَأُ عَنِ التَّعَصُّبِ، كَالرَّافِضِيِّ فِي بُغْضِهِ لِأَبِي بَكْرٍ، وَالْمُبْتَدِعِ فِي بُغْضِهِ لِلسُّنِّيِّ، فَتَقَعُ الْمُعَادَاةُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، أَمَّا مِنْ جَانِبِ الْوَلِيِّ فَلِلَّهِ - تَعَالَى - وَفِي اللَّهِ، وَأَمَّا مِنْ جَانِبِ الْآخَرِ فَلِمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا الْفَاسِقُ الْمُتَجَاهِرُ بِبُغْضِهِ الْوَلِيَّ فِي اللَّهِ، وَبِبُغْضِهِ الْآخَرَ لِإِنْكَارِهِ عَلَيْهِ وَمُلَازَمَتِهِ لِنَهْيِهِ عَنْ شَهَوَاتِهِ.

وَقَدْ تُطْلَقُ الْمُعَادَاةُ وَيُرَادُ بِهَا الْوُقُوعُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِالْفِعْلِ وَمِنَ الْآخَرِ بِالْقُوَّةِ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: قَوْلُهُ: لِي هُوَ فِي الْأَصْلِ صِفَةٌ لِقولِهِ: وَلِيًّا لَكِنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ صَارَ حَالًا. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْإِفْصَاحِ قَوْلُهُ: عَادَى لِي وَلِيًّا أَيِ اتَّخَذَهُ عَدُوًّا، وَلَا أَرَى الْمَعْنَى إِلَّا أَنَّهُ عَادَاهُ مِنْ أَجْلِ وِلَايَتِهِ، وَهُوَ وإِنْ تَضَمَّنَ التَّحْذِيرَ مِنْ إِيذَاءِ قُلُوبِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إِذَا كَانَتِ الْحَالُ تَقْتَضِي نِزَاعًا بَيْنَ وَلِيَّيْنِ فِي مُخَاصَمَةٍ أَوْ مُحَاكَمَةٍ تَرْجِعُ إِلَى اسْتِخْرَاجِ حَقٍّ أَوْ كَشْفِ غَامِضٍ، فَإِنَّهُ جَرَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ مُشَاجَرَةٌ وَبَيْنَ الْعَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوَقَائِعِ انْتَهَى مُلَخَّصًا مُوَضَّحًا. وَتَعَقَّبَهُ الْفَاكِهَانِيُّ بِأَنَّ مُعَادَاةَ الْوَلِيِّ لِكَوْنِهِ وَلِيًّا لَا يُفْهَمُ إِلَّا إِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْحَسَدِ الَّذِي هُوَ تَمَنِّي زَوَالِ وِلَايَتِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فِي حَقِّ الْوَلِيِّ فَتَأَمَّلْهُ. قُلْتُ: وَالَّذِي قَدَّمْتُهُ أَوْلَى أَنْ يُعْتَمَدَ. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَقْدِيمُ الْإِعْذَارِ عَلَى الْإِنْذَارِ وَهُوَ وَاضِحٌ.

قَوْلُهُ: فَقَدْ آذَنْتُهُ) بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا نُونٌ أَيْ أَعْلَمْتُهُ، وَالْإِيذَانُ الْإِعْلَامُ، وَمِنْهُ أُخِذَ الْأَذَانُ.

قَوْلُهُ: (بِالْحَرْبِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَرْبٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ مَنْ آذَى لِي وَلِيًّا وَفِي أُخْرَى لَهُ مَنْ آذَى وَفِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ مِثْلُهُ فَقَدِ اسْتَحَلَّ مُحَارَبَتِي وَفِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ مَوْقُوفًا قَالَ اللَّهُ: مَنْ أَهَانَ وَلِيِّي الْمُؤْمِنَ فَقَدِ اسْتَقْبَلَنِي بِالْمُحَارَبَةِ. وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَأَنَسٍ فَقَدْ بَارَزَنِي وَقَدِ اسْتُشْكِلَ وُقُوعُ الْمُحَارَبَةِ وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، مَعَ أَنَّ الْمَخْلُوقَ فِي أَسْرِ الْخَالِقِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِنَ الْمُخَاطَبَةِ بِمَا يُفْهَمُ، فَإِنَّ الْحَرْبَ تَنْشَأُ عَنِ الْعَدَاوَةِ، وَالْعَدَاوَةُ تَنْشَأُ عَنِ الْمُخَالَفَةِ، وَغَايَةُ الْحَرْبِ الْهَلَاكُ، وَاللَّهُ لَا يَغْلِبُهُ غَالِبٌ، فَكَأَنَّ الْمَعْنَى فَقَدْ تَعَرَّضَ لِإِهْلَاكِي إِيَّاهُ. فَأَطْلَقَ الْحَرْبَ وَأَرَادَ لَازِمَهُ أَيْ أَعْمَلُ بِهِ مَا يَعْمَلُهُ الْعَدُوُّ الْمُحَارَبُ.

قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: فِي هَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ، لِأَنَّ مَنْ حَارَبَهُ اللَّهُ أَهْلَكَهُ، وَهُوَ مِنَ