للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِلَى أَنْ ذَكَرَ النَّفْخَ فِي الصُّورِ إِلَى أَنْ قَالَ: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ فَذَكَرَهُ قَالَ: فَذَاكَ يَوْمٌ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ الطَّوِيلِ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ وَغَيْرِهِ مَا يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ النَّفْخِ فِي الصُّورِ وَفِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ مَا فِي بُطُونِهَا وَتَشِيبُ الْوِلْدَانُ وَتَتَطَايَرُ الشَّيَاطِينُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضُ، فَيَأْخُذُهُمْ لِذَلِكَ الْكَرْبُ وَالْهَوْلُ، ثُمَّ تَلَا الْآيَتَيْنِ مِنْ أَوَّلِ الْحَجِّ الْحَدِيثَ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ هَذَا الْحَدِيثُ صَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ يَوْمُ الزَّلْزَلَةِ يَكُونُ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى، وَفِيهِ مَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ الْعَظِيمَةِ، وَمَنْ جُمْلَتِهَا مَا يُقَالُ لِآدَمَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى، بَلْ لَهُ مَحْمَلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ آخِرُ الْكَلَامِ مَنُوطًا بِأَوَّلِهِ، وَالتَّقْدِيرُ يُقَالُ لِآدَمَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الَّذِي يَشِيبُ فِيهِ الْوِلْدَانُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ شَيْبُ الْوِلْدَانِ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى حَقِيقَةً وَالْقَوْلُ لِآدَمَ يَكُونُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ إِخْبَارًا عَنْ شِدَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عَيْنُ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ حِينَ يَقَعُ لَا يُهِمُّ كُلَّ أَحَدٍ إِلَّا نَفْسُهُ حَتَّى إِنَّ الْحَامِلَ تُسْقِطُ مِنْ مِثْلِهِ وَالْمُرْضِعَةُ إِلَخْ، وَنُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمَعْنَى أَنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ مُرْضِعَةٌ لَذَهَلَتْ، وَذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْيِيَ اللَّهُ حِينَئِذٍ كُلَّ حَمْلٍ كَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ، وَنُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ، فَتَذْهَلُ الْأُمُّ حِينَئِذٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى إِرْضَاعِهِ إِذْ لَا غِذَاءَ هُنَاك وَلَا لَبَنَ، وَأَمَّا الْحَمْلُ الَّذِي لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّهُ إِذَا سَقَطَ لَمْ يَحْيَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَوْمُ الْإِعَادَةِ، فَمَنْ لَمْ يَمُتْ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَحْيَى فِي الْآخِرَةِ.

قَوْلُهُ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْمِ، وَوَقَعَتْ عَلَيْهِمُ الْكَآبَةُ وَالْحُزْنُ، وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْحَسَنِ فَأَنْشَأَ الْمُؤْمِنُونَ يَبْكُونَ وَمِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ فَنُبِسَ الْقَوْمُ حَتَّى مَا أَبْدَوْا بِضَاحِكَةٍ وَنُبِسَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ مَعْنَاهُ تَكَلَّمَ فَأَسْرَعَ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ، وَفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ عَنْ قَتَادَةَ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ أَبْلَسُوا وَكَذَا لَهُ نَحْوُهُ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنِ الْحَسَنِ.

قَوْلُهُ: وَأَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ قَالَ الطِّيبِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَكَانَ حَقَّ الْجَوَابِ أَنَّ ذَلِكَ الْوَاحِدَ فُلَانٌ أَوْ مَنْ يَتَّصِفُ بِالصِّفَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْظَامًا لِذَلِكَ الْأَمْرِ وَاسْتِشْعَارًا لِلْخَوْفِ مِنْهُ، فَلِذَلِكَ وَقَعَ الْجَوَابُ بِقَوْلِهِ أَبْشِرُوا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَمَاذَا يَبْقَى وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَبَكَى أَصْحَابُهُ.

قَوْلُهُ: فَقَالَ أَبْشِرُوا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا، وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ مِثْلَهُ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُدْعَانَ: قَارِبُوا وَسَدِّدُوا وَنَحْوَهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ.

قَوْلُهُ: فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا وَمِنْكُمْ رَجُلٌ ظَاهِرُهُ زِيَادَةُ وَاحِدٍ عَمَّا ذَكَرَ مِنْ تَفْصِيلِ الْأَلْفِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جَبْرِ الْكَسْرِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، أَوْ أَلْفًا إِلَّا وَاحِدًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَمِنْكُمْ رَجُلٌ تَقْدِيرُهُ وَالْمُخْرَجُ مِنْكُمْ أَوْ وَمِنْكُمْ رَجُلٌ مُخْرَجٌ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا بِالنَّصْبِ فِيهِمَا عَلَى الْمَفْعُولِ بِإِخْرَاجِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ، أَيْ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ كَذَا، وَرَوَى بِالرَّفْعِ عَلَى خَبَرِ إِنَّ وَاسْمِهَا مُضْمَرٌ قَبْلَ الْمَجْرُورِ، أَيْ فَإِنَّ الْمُخْرَجَ مِنْكُمْ رَجُلٌ، قُلْتُ: وَالنَّصْبُ أَيْضًا عَلَى اسْمِ إِنَّ صَرِيحًا فِي الْأَوَّلِ، وَبِتَقْدِيرٍ فِي الثَّانِي، وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الَّذِي قَالَهُ، فَإِنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِالرَّفْعِ فِي أَلْفٍ وَحْدَهُ، وَبِالنَّصْبِ فِي رَجُلًا، وَلِأَبِي ذَرٍّ بِالْعَكْسِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَكَذَا