للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التَّاسِعَ عَشَرَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أُمِّ حَارِثَةَ، تَقَدَّمَ فِي الخامس مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْهُ

وفِيهِ: وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ، وتَقَدَّمَ شَرْحُهُ، وَفِيهِ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ.

قَوْلُهُ: لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا) وَقَعَ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ الْجُمَحِيِّ عِنْدَ الْبِرَازِ بِلَفْظِ: تُشْرِفُ عَلَى الْأَرْضِ لَذَهَبَ ضَوْءُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.

قَوْلُهُ: وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، أَيْ: طَيِّبَةً، وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ الْمَذْكُورِ: لَمَلَأَتِ الْأَرْضَ رِيحَ مِسْكٍ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ: وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.

قَوْلُهُ: وَلَنَصِيفُهَا، بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ ثُمَّ فَاءٌ، فُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ بِالْخِمَارِ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ قُتَيْبَةَ؛ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ اسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ بِدُونِهِ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: النَّصِيفُ الْخِمَارُ، وَيُقَالُ أَيْضًا لِلْخَادِمِ. قُلْتُ: وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ جَزْمًا. وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ: وَلَتَاجُهَا عَلَى رَأْسِهَا، وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ أَنَّ النَّصِيفَ الْمِعْجَرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ، وَهُوَ مَا تَلْوِيهِ الْمَرْأَةُ عَلَى رَأْسِهَا، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُوَ كَالْعِصَابَةِ تَلُفُّهَا الْمَرْأَةُ عَلَى اسْتِدَارَةِ رَأْسِهَا، وَاعْتَجَرَ الرَّجُلُ بِعِمَامَتِهِ لَفَّهَا عَلَى رَأْسِهِ وَرَدَّ طَرَفَهَا عَلَى وَجْهِهِ، وَشَيْئًا مِنْهَا تَحْتَ ذَقْنِهِ، وَقِيلَ: الْمِعْجَرُ ثَوْبٌ تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ أَصْغَرُ مِنَ الرِّدَاءِ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا: وَلَوْ أَخْرَجَتْ نَصِيفَهَا لَكَانَتِ الشَّمْسُ عِنْدَ حُسْنِهَا مِثْلَ الْفَتِيلَةِ مِنَ الشَّمْسِ لَا ضَوْءَ لَهَا، وَلَوْ أَطْلَعَتْ وَجْهَهَا لَأَضَاءَ حُسْنُهَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَوْ أَخْرَجَتْ كَفَّهَا لَافْتُتِنَ الْخَلَائِقُ بِحُسْنِهَا.

الْحَدِيثُ الْعِشْرُونَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْهُ

قَوْلُهُ: (لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَبْرِ وَفِيهِ: فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاقَ اللَّهُ، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَاضِي فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ: فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ: هَذَا بَيْتُكَ كَانَ فِي النَّارِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَصَمَكَ وَرَحِمَكَ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: كَانَ هَذَا مَنْزِلَكَ لَوْ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ.

قَوْلُهُ: لَوْ أَسَاءَ لِيَزْدَادَ شُكْرًا، أَيْ: لَوْ كَانَ عَمِلَ عَمَلًا سَيِّئًا، وَهُوَ الْكُفْرُ فَصَارَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَقَوْلُهُ: لِيَزْدَادَ شُكْرًا أَيْ فَرَحًا وَرِضًا، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَازِمِهِ؛ لِأَنَّ الرَّاضِيَ بِالشَّيْءِ يَشْكُرُ مَنْ فَعَلَ لَهُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ) قَدَّمَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الْفَاعِلَ عَلَى الْمَفْعُولِ، وَقَوْلُهُ: إِلَّا أُرِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ.

قَوْلُهُ: لَوْ أَحْسَنَ، أَيْ: لَوْ عَمِلَ عَمَلًا حَسَنًا؛ وَهُوَ الْإِسْلَامُ

قَوْلُهُ: لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً، أَيْ لِلزِّيَادَةِ فِي تَعْذِيبِهِ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ أَيْضًا وَأَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلَانِ مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَإِذَا مَاتَ وَدَخَلَ النَّارَ وَرِثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ وَذَلِكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى: أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ، وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ﴾ الْآيَةَ: الْمُرَادُ أَرْضُ الْجَنَّةِ الَّتِي كَانَتْ لِأَهْلِ النَّارِ لَوْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَرْضُ الدُّنْيَا لِأَنَّهَا صَارَتْ خُبْزَةً فَأَكَلُوهَا كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُسَمَّى الْحُصُولُ فِي الْجَنَّةِ وِرَاثَةً مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصِهِمْ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ، فَهُوَ إِرْثٌ بِطَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ: عَنْ عَمْرٍو، هُوَ ابْنُ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبَ، وَقَدْ وَقَعَ لَنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي نُسْخَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ:، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ حَجَرٍ، عَنِ اسْمَاعِيلَ، وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ اسْمَ أَبِي عَمْرٍو وَالِدِ عَمْرٍو: