للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْوَفَاةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْر، وَهُوَ الدُّخُولُ فِي الْخَامِسِ، وَزِيَادَةُ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ الْمَلَكَ لَا يَأْتِي لِرَأْسِ الْأَرْبَعِينَ، بَلْ بَعْدَهَا، فَيَكُونُ مَجْمُوعُ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا وَقَعَتِ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ مَكَثَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهَا الرُّوحُ، وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ جَاءَ صَرِيحًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا بَالُ الْعَشَرَةِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؟ فَقَالَ: يُنْفَخُ فِيهَا الرُّوحُ.

وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ كَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ: إِنَّ عِدَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ مِثْلُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَهُوَ قَوِيٌّ ; لِأَنَّ الْغَرَضَ اسْتِبْرَاءُ الرَّحِمِ، فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ، أَيْ لِتَصْوِيرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَكِتَابَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ إِثْرَ ذَلِكَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ: إِذَا تَمَّتْ لِلنُّطْفَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا، فَيَنْفُخُ فِيهَا الرُّوحَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ﴾، وَسَنَدُهُ مُنْقَطِعٌ، وَهَذَا لَا يُنَافِي التَّقْيِيدَ بِالْعَشَرَةِ الزَّائِدَةِ، وَمَعْنَى إِسْنَادِ النَّفْخِ لِلْمَلَكِ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَالنَّفْخُ فِي الْأَصْلِ إِخْرَاجُ رِيحٍ مِنْ جَوْفِ النَّافِخِ؛ لِيَدْخُلَ فِي الْمَنْفُوخِ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - أَنْ يَقُولَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقَعُ مَرَّتَيْنِ، فَالْكِتَابَةُ الْأُولَى فِي السَّمَاءِ، وَالثَّانِيَةُ فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُمَا فِي صَحِيفَةٍ وَالْأُخْرَى عَلَى جَبِينِ الْمَوْلُودِ، وَقِيلَ: يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَجِنَّةِ، فَبَعْضُهَا كَذَا، وَبَعْضُهَا كَذَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: فَوَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ، فِي رِوَايَةِ آدَمَ: فَإِنَّ أَحَدَكُمْ، وَمِثْلُهُ لِأَبِي دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ جَمِيعًا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ: فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ دُونَ قَوْلِهِ: مِنْكُمْ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا: فَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ، لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَهَذِهِ مُحْتَمِلَةٌ لِأَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ النَّبِيَّ ، فَيَكُونُ الْخَبَرُ كُلُّهُ مَرْفُوعًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ رُوَاتِهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ: حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ، لَكِنَّ الْإِدْرَاجَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ، وأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ يَقْتَضِي الرَّفْعَ، إِلَّا رِوَايَةَ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، فَبَعِيدَةٌ مِنَ الْإِدْرَاجِ، فَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ، وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَاكْتُبْهُ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللَّهِ بِيَدِهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ، كَذَا وَقَعَ مُفَصَّلًا فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ عَنِ الْأَعْمَشِ، مِنْهُمُ الْمَسْعُودِيُّ، وَزَائِدَةُ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَآخَرُونَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ أَصْلَ الْحَدِيثِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَكَذَا أَبُو وَائِلٍ وَعَلْقَمَةُ وَغَيْرُهُمَا، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَذَا اقْتَصَرَ حَبِيبُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، وَكَذَا وَقَعَ فِي مُعْظَمِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ عَنِ الصَّحَابَةِ كَأَنَسٍ فِي ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ وَحُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَكَذَا اقْتَصَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ.

نَعَمْ، وَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مَرْفُوعَةً فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْآتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَالْعُرْسِ بْنِ عَمِيرَةَ فِي الْبَزَّارِ، وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَكْثَمَ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ فِي الطَّبَرَانِيِّ، لَكِنْ وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَوِيٍّ مُفْرَدَةً، مِنْ رِوَايَةِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْهُ، وَمِنَ الرُّوَاةِ مَنْ حَذَفَ الْحَسَنَ بَيْنَ حُمَيْدٍ، وَأَنَسٍ، فَكَأَنَّهُ كَانَ تَامًّا عِنْدَ أَنَسٍ، فَحَدَّثَ بِهِ مُفَرَّقًا، فَحَفِظَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ عَنْهُ، فَيَقْوَى عَلَى