للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

سَيِّئًا. الْحَدِيثَ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَإِذَا كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ تَحَوَّلَ، فَعَمِلَ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فَمَاتَ فَدَخَلَهَا.

الْحَدِيثَ، وَلِأَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ وَفِي يَدِهِ كِتَابَانِ، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ، ثُمَّ أَجْمَلَ عَلَى آخِرِهِمْ، فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ فَقَالَ: سَدِّدُوا وَقَارِبُوا؛ فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ. الْحَدِيثَ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ نَحْوُهُ: وَزَادَ صَاحِبُ الْجَنَّةِ مَخْتُومٌ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ، وَقَدْ يُسْلَكُ بِأَهْلِ السَّعَادَةِ طَرِيقَ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، حَتَّى يقال: مَا أَشْبَهَهُمْ بِهِمْ، بَلْ هُمْ مِنْهُمْ وَتُدْرِكُهُمُ السَّعَادَةُ فَتَسْتَنْقِذُهُمْ. الْحَدِيثَ. وَنَحْوُهُ لِلْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بَعْدَ أَبْوَابٍ، وَفِي آخِرِهِ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ، وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَمِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ نَحْوُهُ، وَفِي آخِرِ حَدِيثِ عَلِيٍّ الْمُشَارِ إِلَيْهِ قَبْلُ الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا.

وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ خَلْقَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ يَقَعُ وَالْجَنِينُ دَاخِلَ بَطْنِ أُمِّهِ، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُعْطَى ذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ﴾ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ خَلْقَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ مَحْمُولٌ جَزْمًا عَلَى الْأَعْضَاءِ، ثُمَّ الْقُوَّةِ الْبَاصِرَةِ وَالسَّامِعَةِ؛ لِأَنَّهَا مُودَعَةٌ فِيهَا، وَأَمَّا الْإِدْرَاكُ بِالْفِعْلِ فَهُوَ مَوْضِعُ النِّزَاعِ، وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ يُتَوَقَّفُ عَلَى زَوَالِ الْحِجَابِ الْمَانِعِ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَعْمَالَ حَسَنَهَا وَسَيِّئَهَا أَمَارَاتٌ، وَلَيْسَتْ بِمُوجِبَاتٍ، وَأَنَّ مَصِيرَ الْأُمُورِ فِي الْعَاقِبَةِ إِلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَضَاءُ، وَجَرَى بِهِ الْقَدَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ.

وَفِيهِ الْقَسَمُ عَلَى الْخَبَرِ الصِّدْقِ تَأْكِيدًا فِي نَفْسِ السَّامِعِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى عِلْمِ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ الْإِنْسَانِ، وَحَالِهِ فِي الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ، وَفِيهِ عِدَّةُ أَحْكَامٍ تَتَعَلَّقُ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالْحِكْمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِيهِ أَنَّ السَّعِيدَ قَدْ يَشْقَى وَأَنَّ الشَّقِيَّ قَدْ يَسْعَدُ، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ، وَأَمَّا مَا فِي عِلْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَلَا يَتَغَيَّرُ، وَفِيهِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْخَاتِمَةِ، قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ: هَذِهِ الَّتِي قَطَعَتْ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ حُسْنِ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ بِمَاذَا يُخْتَمُ لَهُمْ، وَفِيهِ أَنَّ عُمُومَ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ الْآيَةَ، مَخْصُوصٌ بِمَنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّ مَنْ عَمِلَ السَّعَادَةَ وَخُتِمَ لَهُ بِالشَّقَاءِ فَهُوَ فِي طُولِ عُمُرِهِ عِنْدَ اللَّهِ شَقِيٌّ، وَبِالْعَكْسِ، وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُهُ يَؤُولُ إِلَى أَنْ يَؤُولَ إِلَى هَذَا، وَقَدِ اشْتُهِرَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ، وَتَمَسَّكَ الْأَشَاعِرَةُ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَتَمَسَّكَ الْحَنَفِيَّةُ بِمِثْلِ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ وَأَكْثَرَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ الِاحْتِجَاجَ لِقَوْلِهِ، وَالْحَقُّ أَنَّ النِّزَاعَ لَفْظِيٌّ، وَأَنَّ الَّذِي سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ لَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يَتَبَدَّلُ، وَأَنَّ الَّذِي يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّغْيِيرُ وَالتَّبْدِيلُ مَا يَبْدُو لِلنَّاسِ مِنْ عَمَلِ الْعَامِلِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَعَلَّقَ ذَلِكَ بِمَا فِي عِلْمِ الْحَفَظَةِ وَالْمُوَكَّلِينَ بِالْآدَمِيِّ، فَيَقَعُ فِيهِ

الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ كَالزِّيَادَةِ فِي الْعُمُرِ وَالنَّقْصِ، وَأَمَّا مَا فِي عِلْمِ اللَّهِ فَلَا مَحْوَ فِيهِ وَلَا إِثْبَاتَ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ. وَفِيهِ التَّنْبِيهُ عَلَى صِدْقِ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلْقِ الشَّخْصِ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى الْعَلَقَةِ، ثُمَّ إِلَى الْمُضْغَةِ، ثُمَّ يَنْفُخُ الرُّوحَ فِيهِ قَادِرٌ عَلَى نَفْخِ الرُّوحِ بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ تُرَابًا، وَيَجْمَعُ أَجْزَاءَهُ بَعْدَ أَنْ يُفَرِّقَهَا، وَلَقَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَخْلُقَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنِ اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ بِنَقْلِهِ فِي الْأَطْوَارِ رِفْقًا بِالْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَادَةً، فَكَانَتِ الْمَشَقَّةُ تَعْظُمُ عَلَيْهَا، فَهَيَّأَهُ فِي بَطْنِهَا بِالتَّدْرِيجِ إِلَى أَنْ تَكَامَلَ، وَمَنْ تَأَمَّلَ أَصْلَ خَلْقِهِ مِنْ نُطْفَةٍ وَتَنَقُّلَهُ فِي