قَوْلُهُ: بَابُ: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ أَيْ حُكْمًا مَقْطُوعًا بِوُقُوعِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ وَاحِدُ الْأُمُورِ الْمُقَدَّرَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدَ الْأَوَامِرِ؛ لِأَنَّ كل مَوْجُودٌ بِكُنْ، ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ.
الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا - إِلَى قَوْلِهِ فِي آخِرِهِ: فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا، وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ فِي بَابُ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَحِلُّ فِي النِّكَاحِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ السُّلُوكُ فِي مَجَارِي الْقَدَرِ، وَذَلِكَ لَا يُنَاقِضُ الْعَمَلَ فِي الطَّاعَاتِ، وَلَا يَمْنَعُ التَّحَرُّفَ فِي الِاكْتِسَابِ، وَالنَّظَرَ لِقُوتِ غَدٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ يَبْلُغُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِ أَحَادِيثِ الْقَدَرِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَجَابَهَا وَطَلَّقَ مَنْ تَظُنُّ أَنَّهَا تُزَاحِمُهَا فِي رِزْقِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهَا سَوَاءً أَجَابَهَا أَوْ لَمْ يُجِبْهَا، وَهُوَ كَقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾
الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ أُسَامَةَ، وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ قَوْلُهُ: عَاصِمٍ هُوَ الْأَحْوَلُ، وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ.
قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ سَعْدٌ هُوَ ابْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذٌ هُوَ ابْنُ جَبَلٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَمَا قِيلَ فِي تَسْمِيَةِ الِابْنِ الْمَذْكُورِ وَبَيَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا أَنَّ ابْنَتَهَا.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ قَوْلُهُ: عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ.
قَوْلُهُ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ) تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، وَفِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَأَلْنَا، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، وَأَبَا صِرْمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا، قَالَ: فَتَرَاجَعْنَا فِي الْعَزْلِ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَعَلَّ أَبَا سَعِيدٍ بَاشَرَ السُّؤَالَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ تَرَاجَعُوا فِي ذَلِكَ جَمَاعَةً وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي تَارِيخِهِ وَابْنِ السَّكَنِ وَغَيْرِهِ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ مَجْدِي الضَّمْرِيِّ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ غَزْوَةَ الْمُرَيْسِيعِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا، فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الْعَزْلِ الْحَدِيثَ، وَأَبُو صِرْمَةَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو صِرْمَةَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي الْعَزْلِ؟ الْحَدِيثَ، وَالثَّابِتُ أَنَّ أَبَا صِرْمَةَ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ الرَّاءِ، إِنَّمَا سَأَلَ أَبَا سَعِيدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي النِّكَاحِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: وَلَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ هُوَ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ.
قَوْلُهُ: لَقَدْ خَطَبَنَا فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ مُسْلِمٍ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَقَامًا.
قَوْلُهُ: إِلَّا ذَكَرَهُ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ: إِلَّا حَدَّثَ بِهِ.
قَوْلُهُ: عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ وَزَادَ قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ أَيْ عَلِمُوا وُقُوعَ ذَلِكَ الْمَقَامِ وَمَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ الْكَلَامِ، وَقَدْ سَمَّيْتُ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْخَلْقِ مَنْ رَوَى نَحْوَ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ هَذَا مِنَ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ، وَأَبِي زَيْدِ بْنِ أَخْطَبَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، قَالَ وَغَيْرُهُمْ فَلَعَلَّ حُذَيْفَةَ أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى بَعْضِهِمْ، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ كُلَّ فِتْنَةٍ كَائِنَةٍ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَمَا بِي أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَسَرَّ إِلَىَّ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يُحَدِّثُ بِهِ غَيْرِي وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَذَهَبَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ غَيْرِي وَهَذَا لَا يُنَاقِضُ الْأَوَّلَ، بَلْ يُجْمَعُ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَجْلِسَيْنِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ أَعَمُّ مِنَ الْمُرَادِ بِالثَّانِي.
قَوْلُهُ: إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الشَّيْءَ قَدْ نَسِيتُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِإِثْبَاتِهِ، وَلَفْظُهُ نَسِيتُهُ
قَوْلُهُ: فَأَعْرِفُهُ كَمَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ، فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَمَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ