للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَذَا الرَّجُلُ وَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، وَلَفْظُهُ: جَاءَ سُرَاقَةُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَعْمَلُ الْيَوْمَ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ؟ قَالَ: بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، فَقَالَ: فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ قَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ نَحْوَهُ، وَزَادَ، وَقَرَأَ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿لِلْعُسْرَى﴾، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُرَاقَةَ نَفْسِهِ، لَكِنْ دُونَ تِلَاوَةِ الْآيَةِ.

وَوَقَعَ هَذَا السُّؤَالُ وَجَوَابُهُ سِوَى تِلَاوَةِ الْآيَةِ لِشُرَيْحِ بْنِ عَامِرٍ الْكِلَابِيِّ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَلَفْظُهُ: قَالَ: فَفِيمَ الْعَمَلُ إِذًا؟ قَالَ: اعْمَلُوا؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا نَعْمَلُ فِيهِ أَمْرٌ مُبْتَدَعٌ أَوْ أَمْرٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ؟ قَالَ: فِيمَا قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ، وَالْفِرْيَابِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَهُ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَعْمَلُ عَلَى مَا فُرِغَ مِنْهُ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا تَعَدُّدُ السَّائِلِينَ عَنْ ذَلِكَ؛ فَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ، وَلَفْظُهُ فَقَالَ أَصْحَابُهُ: فَفِيمَ الْعَمَلُ إِنْ كَانَ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْفِرْيَابِيُّ.

قَوْلُهُ: أَلَا نَتَّكِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَفَلَا، وَالْفَاءُ مُعَقِّبَةٌ لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: أَفَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَفَلَا نَتَّكِلُ، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ أَيْ نَعْتَمِدُ عَلَى مَا قُدِّرَ عَلَيْنَا، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ: فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ مِثْلُهُ.

قَوْلُهُ: اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، زَادَ شُعْبَةُ: لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ، فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ. الْحَدِيثَ. وَفِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ قَالَ: أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ. الْحَدِيثَ. وَحَاصِلُ السُّؤَالِ: أَلَا نَتْرُكُ مَشَقَّةَ الْعَمَلِ، فَإِنَّا سَنَصِيرُ إِلَى مَا قُدِّرَ عَلَيْنَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَا مَشَقَّةَ ; لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَهُوَ يَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْجَوَابُ مِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ مَنَعَهُمْ عَنْ تَرْكِ الْعَمَلِ وَأَمَرَهُمْ بِالْتِزَامِ مَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ، وَزَجَرَهُمْ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي الْأُمُورِ الْمُغَيَّبَةِ، فَلَا يَجْعَلُوا الْعِبَادَةَ وَتَرْكَهَا سَبَبًا مُسْتَقِلًّا لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، بَلْ هِيَ عَلَامَاتٌ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: ثُمَّ قَرَأَ ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ الْآيَةَ، وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، وَوَكِيعٍ الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لِلْعُسْرَى﴾ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ نَحْوَ حَدِيثِ عُمَرَ، وَفِي آخِرِهِ: قَالَ: اعْمَلْ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، وَفِي آخِرِهِ عِنْدَ الْبَزَّارِ: فَقَالَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: فَالْجِدُّ إِذًا، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي آخِرِ حَدِيثِ سُرَاقَةَ وَلَفْظُهُ: فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ قَالَ: كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِعَمَلِهِ، قَالَ: الْآنَ الْجِدُّ الْآنَ الْجِدُّ وَفِي آخِرِ حَدِيثِ عُمَرَ عِنْدَ الْفِرْيَابِيِّ: فَقَالَ عُمَرُ: فَفِيمَ الْعَمَلُ إذًا؟ قَالَ: كُلٌّ لَا يَنَالُ إِلَّا بِالْعَمَلِ، قَالَ عُمَرُ: إذًا نَجْتَهِدُ، وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ، قَالَ: سَأَلَ غُلَامَانِ رَسُولَ اللَّهِ : فِيمَ الْعَمَلُ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ، وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، أَمْ شَيْءٌ نَسْتَأْنِفُهُ؟ قَالَ: بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ، قَالَا: فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ قَالَ: اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا هُوَ عَامِلٌ، قَالَا: فَالْجِدُّ الْآنَ، وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْقُعُودِ عِنْدَ الْقُبُورِ، وَالتَّحَدُّثِ عِنْدَهَا بِالْعِلْمِ وَالْمَوْعِظَةِ.

وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: نَكْتُهُ الْأَرْضَ بِالْمِخْصَرَةِ أَصْلٌ فِي تَحْرِيكِ الْأُصْبُعِ فِي التَّشَهُّدِ، نَقَلَهُ ابْنُ بَطَّالٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَإِنَّمَا هِيَ عَادَةٌ لِمَنْ يَتَفَكَّرُ فِي شَيْءٍ يَسْتَحْضِرُ مَعَانِيَهُ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَفَكُّرًا مِنْهُ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ بِقَرِينَةِ حُضُورِ الْجِنَازَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا