قَيْسٍ.
وَقَوْلُهُ فِيهِ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ قَالَ مَنْصُورٌ: لَا أَدْرِي إِبْرَاهِيمُ وَهِمَ أَمْ عَلْقَمَةُ كَذَا أَطْلَقَ وَهِمَ مَوْضِعَ شَكَّ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّ الشَّكَّ يَنْشَأُ عَنِ النِّسْيَانِ ; إِذْ لَوْ كَانَ ذَاكِرًا لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَمَا وَقَعَ لَهُ التَّرَدُّدُ، يُقَالُ: وَهِمَ فِي كَذَا إِذَا غَلِطَ فِيهِ وَوَهِمَ إِلَى كَذَا إِذَا ذَهَبَ وَهْمُهُ إِلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْقِبْلَةِ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَا أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ فَجَزَمَ بِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الَّذِي تَرَدَّدَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْصُورًا حِينَ حَدَّثَ عَبْدَ الْعَزِيزِ كَانَ مُتَرَدِّدًا هَلْ عَلْقَمَةُ قَالَ ذَلِكَ أَمْ إِبْرَاهِيمُ، وَحِينَ حَدَّثَ جَرِيرًا كَانَ جَازِمًا بِإِبْرَاهِيمَ.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: لَفْظُ أَقَصُرَتْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ نَقَصَ، وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ مِنَ الرَّاوِي وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ بِلَفْظِ أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مُبَاحِثُ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَاكَ أَيْضًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا يَسِيرًا مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ. وَقَوْلُهُ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ هَكَذَا حَذَفَ مَقُولَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ الْكَهْفِ بِلَفْظِ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ فَذَكَرَ قِصَّةً، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَادًّا عَلَيْهِ حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَخْ فَحَذَفَهَا الْبُخَارِيُّ هُنَا كَمَا حَذَفَ أَكْثَرَ الْحَدِيثِ، إِلَى أَنْ قَالَ: لَا تُؤَاخِذْنِي.
قَوْلُهُ (إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ) فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: يَقُولُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ - تَعَالَى - ﴿قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي﴾ إِلَخْ.
قَوْلُهُ (كَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا) يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ إِنْكَارِهِ خَرْقَ السَّفِينَةِ كَانَ نَاسِيًا لِمَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْخَضِرُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ فَإِنْ قِيلَ تَرْكُ مُؤَاخَذَتِهِ بِالنِّسْيَانِ مُتَّجِهٌ وَكَيْفَ وَأَخَذَهُ؟ قُلْنَا: عَمَلًا بِعُمُومِ شَرْطِهِ الَّذِي الْتَزَمَهُ، فَلَمَّا اعْتَذَرَ لَهُ بِالنِّسْيَانِ عَلِمَ أَنَّهُ خَارِجٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ مِنْ عُمُومِ الشَّرْطِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَتَّجِهُ إِيرَادُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ. فَإِنْ قِيلَ: فَالْقِصَّةُ الثَّانِيَةُ لَمْ تَكُنْ إِلَّا عَمْدًا فَمَا الْحَامِلُ لَهُ عَلَى خَلْفِ الشَّرْطِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى كَانَ يَتَوَقَّعُ هَلَاكَ أَهْلِ السَّفِينَةِ فَبَادَرَ لِلْإِنْكَارِ فَكَانَ مَا كَانَ، وَاعْتَذَرَ بِالنِّسْيَانِ وَقَدَّرَ اللَّهُ سَلَامَتَهُمْ، وَفِي الثَّانِيَةِ كَانَ قَتْلُ الْغُلَامِ فِيهَا مُحَقَّقًا فَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْإِنْكَارِ فَأَنْكَرَ ذَاكِرًا لِلشَّرْطِ عَامِدًا لِإِخْلَافِهِ تَقْدِيمًا لِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَذِرْ بِالنِّسْيَانِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُجَرِّبَ نَفْسَهُ فِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّهَا الْحَدُّ الْمُبَيِّنُ غَالِبًا لِمَا يَخْفَى مِنَ الْأُمُورِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ كَانَتِ الثَّالِثَةُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا؟ قُلْنَا: يَظْهَرُ أَنَّهَا كَانَتْ نِسْيَانًا، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِشَرْطِهِ الَّذِي شَرَطَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْمُفَارَقَةِ فِي الثَّالِثَةِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ التِّينِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ إِنَّهَا كَانَتْ عَمْدًا اسْتِبْعَادًا لِأَنْ يَقَعَ مِنْ مُوسَى ﵇ إِنْكَارُ أَمْرٍ مَشْرُوعٍ وَهُوَ الْإِحْسَانُ لِمَنْ أَسَاءَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ حَدِيثُ الْبَرَاءِ، وحديثُ أنسٍ فِي تَقْدِيمِ صَلَاةِ الْعِيدِ عَلَى الذَّبْحِ، وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُمَا مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَضَاحِيِّ.
قَوْلُهُ (كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) لَمْ تَقَعْ هَذِهِ الصِّيغَةُ لِلْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ مَشَايِخِهِ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَدْ أَخْرَجَ بِصِيغَةِ الْمُكَاتَبَةِ فِيهِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً لَكِنْ مِنْ رِوَايَةِ التَّابِعِيِّ عَنِ الصَّحَابِيِّ، أَوْ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ التَّابِعِيِّ، عَنِ التَّابِعِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ بِبُنْدَارٍ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَرَوَاهُ عَنْهُ بِالْمُكَاتَبَةِ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَصْلَ الْحَدِيثِ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أُخْرَى مَوْصُولَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعِيدَيْنِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى بُنْدَارٍ فَذَكَرَهُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ.
قَوْلُهُ (قَالَ: قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَكَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ بِغَيْرِ وَاوٍ، وَظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ لِلْبَرَاءِ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا وَقَعَتْ لِخَالِهِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْأَضَاحِيِّ مِنْ طَرِيقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute