للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٦٨٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، عَنْ سَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ: مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا ثُمَّ مَا زِلْنَا نَنْبِذُ فِيهِ حَتَّى صَارَ شَنًّا.

قَوْلُهُ: بَابُ إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ نَبِيذًا فَشَرِبَ طِلَاءً) فِي رِوَايَةٍ: الطِّلَاءَ بِزِيَادَةِ لَامٍ

قَوْلُهُ: أَوْ سَكَرًا بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ

قَوْلُهُ: أَوْ عَصِيرًا لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ بِأَنْبِذَةٍ عِنْدَهُ، فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَلَيْسَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الطِّلَاءِ وَالسَّكَرِ وَالنَّبِيذِ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ النَّبِيذَ بِعَيْنِهِ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِ غَيْرِهِ، وَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا لِمَا يَخْشَى مِنَ السُّكْرِ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يَشْرَبُهُ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ؛ فَإِنَّ سَائِرَ الْأَشْرِبَةِ مِنَ الطَّبِيخِ وَالْعَصِيرِ تُسَمَّى نَبِيذًا لِمُشَابَهَتِهَا لَهُ فِي الْمَعْنَى، فَهُوَ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ شَرَابًا وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ شَرَابٍ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَمُرَادُ الْبُخَارِيِّ بِبَعْضِ النَّاسِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الطِّلَاءَ وَالْعَصِيرَ لَيْسَ بِنَبِيذٍ ; لِأَنَّ النَّبِيذَ فِي الْحَقِيقَةِ مَا نُبِذَ فِي الْمَاءِ وَنُقِعَ فِيهِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمَنْبُوذُ مَنْبُوذًا ; لِأَنَّهُ نُبِذَ أَيْ طُرِحَ، فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ وَتَوْجِيهُهُ مِنْ حَدِيثَيِ الْبَابِ أَنَّ حَدِيثَ سَهْلٍ يَقْتَضِي تَسْمِيَةَ مَا قَرُبَ عَهْدُهُ بِالِانْتِبَاذِ نَبِيذًا، وَإِنْ حَلَّ شُرْبُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُنْبَذُ لَهُ لَيْلًا فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً، وَيُنْبَذُ لَهُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً، وَحَدِيثُ سَوْدَةَ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّهُمْ صَارُوا يَنْتَبِذُونَ فِي جِلْدِ الشَّاةِ الَّتِي مَاتَتْ، وَمَا كَانُوا يَنْبِذُونَ إِلَّا مَا يَحِلُّ شُرْبُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمَ نَبِيذٍ، فَالنَّقِيعُ فِي حُكْمِ النَّبِيذِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السُّكْرِ وَالْعَصِيرُ مِنَ الْعِنَبِ الَّذِي بَلَغَ حَدَّ السُّكْرِ فِي مَعْنَى النَّبِيذِ مِنَ التَّمْرِ الَّذِي بَلَغَ حَدَّ السُّكْرِ، وَزَعَمَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الشَّارِحَ بِمَعْزِلٍ عَنْ مَقْصُودِ الْبُخَارِيِّ هُنَا، قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ تَصْوِيبَ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَضُرُّهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ: فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ خِلَافَهُ لَتَرْجَمَ عَلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ، وكَيْفَ يُتَرْجِمُ عَلَى وَفْقِ مَذْهَبٍ ثُمَّ يُخَالِفُهُ انْتَهَى. وَالَّذِي فَهِمَهُ ابْنُ بَطَّالٍ أَوْجَهُ وَأَقْرَبُ إِلَى مُرَادِ الْبُخَارِيِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ نَبِيذًا يَحْنَثُ بِهِ إِلَّا إِنْ نَوَى شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَيَخْتَصُّ بِهِ، وَالطِّلَاءُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَطْبُوخِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ، وَهَذَا قَدْ يَنْعَقِدُ فَيَكُونُ دِبْسًا وَرُبًّا فَلَا يُسَمَّى نَبِيذًا أَصْلًا، وَقَدْ يَسْتَمِرُّ مَائِعًا وَيُسْكِرُ كَثِيرُهُ، فَيُسَمَّى فِي الْعُرْفِ نَبِيذًا، بَلْ نَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ التِّينِ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الطِّلَاءَ جِنْسٌ مِنَ الشَّرَابِ، وَعَنِ ابْنِ فَارِسٍ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْخَمْرِ، وَكَذَلِكَ السَّكَرُ يُطْلَقُ عَلَى الْعَصِيرِ قَبْلَ أَنْ يَتَخَمَّرَ، وَقِيلَ: هُوَ مَا أَسْكَرَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَنَقَلَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ وَالْعَصِيرِ مَا يُعْصَرُ مِنَ الْعِنَبِ، فَيُسَمَّى بِذَلِكَ وَلَوْ تَخَمَّرَ. وَقَدْ مَضَى شَرْحُ حَدِيثِ سَهْلٍ فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَعَلِيٌّ شَيْخُهُ هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ.

وَأَمَّا حَدِيثُ سَوْدَةَ فَهِيَ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْعَامِرِيَّةُ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ الْقُرَشِيَّةِ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ

قَوْلُهُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ

قَوْلُهُ: فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالْمُهْمَلَةِ، أَيْ: جِلْدَهَا

قَوْلُهُ: حَتَّى صَارَ شَنًّا، بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، أَيْ: بَالِيًا، وَالشَّنَّةُ الْقِرْبَةُ الْعَتِيقَةُ، وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ حَدِيثًا فِي دِبَاغِ جِلْدِ الشَّاةِ الْمَيْتَةِ غَيْرَ هَذَا، وَأَشَارَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ لِرِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ الَّتِي فِي الْبَابِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا حَدِيثَانِ مُتَغَايِرَانِ فِي السِّيَاقِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرِوَايَةِ مُغِيرَةَ هَذِهِ تُوَافِقُ لَفْظَ